شُفِرَتْ وَهِيَ بَالِغٌ أَوْ غَيْرُ بَالِغٍ، فَدَخَلَ الْمَنِيُّ فَرْجَهَا فَحَمَلَتْ فَالْغُسْلُ عَلَيْهَا وَلَا بُدَّ لِأَنَّهَا قَدْ أَنْزَلَتْ الْمَاءَ يَقِينًا.
[مَسْأَلَة إذَا خَرَجَتْ الْجَنَابَة وَجَبَ الْغُسْل]
. ١٧٣ - مَسْأَلَةٌ: وَكَيْفَمَا خَرَجَتْ الْجَنَابَةُ الْمَذْكُورَةُ بِضَرْبَةٍ أَوْ عِلَّةٍ أَوْ لِغَيْرِ لَذَّةٍ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ حَتَّى وَجَدَهُ أَوْ بِاسْتِنْكَاحٍ فَالْغُسْلُ وَاجِبٌ فِي ذَلِكَ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] وَأَمْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا فَضَخَ الْمَاءَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ مَنْ خَرَجَتْ مِنْهُ الْجَنَابَةُ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَالًا مِنْ حَالٍ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ النَّصَّ بِرَأْيِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَدَاوُد. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: مَنْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ - لِعِلَّةٍ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَوْ ضُرِبَ عَلَى اسْتِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلٌ خِلَافٌ لِلْقُرْآنِ وَلِلسُّنَنِ الثَّابِتَةِ وَلِلْقِيَاسِ، وَمَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ إلَّا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُ لَا غُسْلَ إلَّا مِنْ شَهْوَةٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا خِلَافُهُمْ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ وَالرِّيحَ مُوجِبَةٌ لِلْوُضُوءِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ كَيْفَمَا خَرَجَ ذَلِكَ فَالْوُضُوءُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْحَيْضُ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ، وَكَيْفَمَا خَرَجَ فَالْغُسْلُ فِيهِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَنِيُّ كَذَلِكَ، فَلَا بِالْقُرْآنِ أَخَذُوا وَلَا بِالسُّنَّةِ عَمِلُوا وَلَا الْقِيَاسُ طَرَدُوا. وَالْعَجَبُ أَنَّ بَعْضَهُمْ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ لَيْسَ فِي خُرُوجِهِمَا حَالٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute