للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ - فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَهُمَا قَسَّمَ هَذَا التَّقْسِيمَ، وَهُمَا قَوْلَانِ مُخَالِفَانِ لِلْقُرْآنِ، وَالسُّنَنِ، وَالْأُصُولِ، فِي إسْقَاطِ مَالِكٍ الْحُكْمَ بِبَيِّنَةِ الْعَدْلِ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ.

وَتَفْرِيقُ الشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ وَبَيْنَ مَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُسْلِمُونَ، أَوْ يُسْبَوْنَ فَيُسْلِمُوا، وَوَجَدْنَا الْإِقْرَارَ بِالْمَوَالِيدِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَوَارِيثِ: لَا نَعْلَمُ أَلْبَتَّةَ صِحَّةَ الْمَوَالِيدِ إلَّا بِهِ، فَمَا تَصِحُّ بُنُوَّةُ أَحَدٍ إلَّا بِإِقْرَارِ الْآبَاءِ أَنَّهُ وُلِدَ، أَوْ بِإِقْرَارِ أَخَوَيْنِ يَقْدُمَانِ مُسَافِرَيْنِ وَيَجِبُ مِيرَاثُهُمَا.

وَبِهَذَا الْإِقْرَارِ يَتَوَارَثُ أَهْلُ الْكُفْرِ إذَا أَسْلَمُوا عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ ذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ، وَبِالْإِقْرَارِ تَوَارَثَ الْمُهَاجِرُونَ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ، فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ ذَلِكَ خَطَأٌ لَا خَفَاءَ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة مِيرَاث الْمُسْلِم الْكَافِر والكافر الْمُسْلِم]

١٧٤٦ - مَسْأَلَةٌ وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ - الْمُرْتَدُّ وَغَيْرُ الْمُرْتَدِّ سَوَاءٌ - إلَّا أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُذْ يَرْتَدُّ فَكُلُّ مَا ظَفِرَ بِهِ مِنْ مَالِهِ فَلِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ - رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا، أَوْ قُتِلَ مُرْتَدًّا، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ - وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ مِنْ مَالِهِ حَتَّى قُتِلَ أَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا: فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْكُفَّارِ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَهُوَ لَهُ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ مَاتَ مُسْلِمًا.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» وَهَذَا عُمُومٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ شَيْءٌ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّكُمْ تَقُولُونَ: إنْ مَاتَ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيٌّ، أَوْ يَهُودِيٌّ - وَسَيِّدُهُ مُسْلِمٌ - فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، لَا بِالْمِيرَاثِ، لَكِنْ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَهُ فِي حَيَاتِهِ فَهُوَ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَالْعَبْدُ لَا يُورَثُ بِالْخَبَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مِيرَاثِ الْمُكَاتَبِ فَلَمْ يَجْعَلْ لِلْجُزْءِ الْمَمْلُوكِ مِيرَاثًا - لَا لَهُ وَلَا مِنْهُ -.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي بَعْضِ هَذَا -:

<<  <  ج: ص:  >  >>