للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا الْخَبَرُ بِتَمَامِهِ يُبَيِّنُ مَعْنَى مَا وَهَلَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» .

وَلَاحَ بِهَذَا أَنَّ هَذَا الْبُكَاءَ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ لَيْسَ هُوَ الَّذِي لَا يُعَذَّبُ بِهِ مِنْ دَمْعِ الْعَيْنِ، وَحُزْنِ الْقَلْبِ.

فَصَحَّ أَنَّهُ الْبُكَاءُ بِاللِّسَانِ، إذْ يُعَذِّبُونَهُ بِرِيَاسَتِهِ الَّتِي جَارَ فِيهَا فَعُذِّبَ عَلَيْهَا، وَشَجَاعَتِهِ الَّتِي يُعَذَّبُ عَلَيْهَا، إذْ صَرَفَهَا فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِجُودِهِ الَّذِي أَخَذَ مَا جَادَ بِهِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ فَأَهْلُهُ يَبْكُونَهُ بِهَذِهِ الْمَفَاخِرِ، وَهُوَ يُعَذَّبُ بِهَا بِعَيْنِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لِمَنْ يَتَكَلَّفُ فِي ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْبُكَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى؟

[مَسْأَلَةٌ مَاتَ الْمُحْرِمُ بَعْد الْإِحْرَام وَقَبْل طُلُوع شَمْس يَوْمِ النَّحْرِ]

٥٩٠ - مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ مَا بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إنْ كَانَ حَاجًّا، أَوْ أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ، إنْ كَانَ مُعْتَمِرًا -: فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنْ يُغَسَّلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ فَقَطْ - إنْ وُجِدَ السِّدْرُ -.

وَلَا يُمَسُّ بِكَافُورٍ وَلَا بِطَيِّبٍ، وَلَا يُغَطَّى وَجْهُهُ، وَلَا رَأْسُهُ؟ وَلَا يُكَفَّنُ إلَّا فِي ثِيَابِ إحْرَامِهِ فَقَطْ، أَوْ فِي ثَوْبَيْنِ غَيْرَ ثِيَابِ إحْرَامِهِ.

وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ رَأْسَهَا تُغَطَّى وَيُكْشَفُ وَجْهُهَا، وَلَوْ أُسْدِلَ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا فَلَا بَأْسَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُقَنَّعَ؟ فَمَنْ مَاتَ مِنْ مُحْرِمٍ، أَوْ مُحْرِمَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَكَسَائِرِ الْمَوْتَى، رَمَى الْجِمَارَ أَوْ لَمْ يَرْمِهَا؟

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: هُمَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى فِي كُلِّ ذَلِكَ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>