وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: «أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ عَضُدٌ مِنْ نَخْلٍ فِي حَائِطِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: وَمَعَ الرَّجُلِ أَهْلُهُ فَكَانَ سَمُرَةُ يَدْخُلُ إلَى نَخْلِهِ فَيَتَأَذَّى بِهِ، فَطَلَبَ إلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَلَبَ إلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيعَهُ، فَأَبَى، فَطَلَبَ إلَيْهِ يُنَاقِلُهُ، فَأَبَى قَالَ: فَهَبْهُ لَهُ وَلَكَ كَذَا وَكَذَا أَمْرًا رَغَّبَهُ فِيهِ، فَأَبَى، فَقَالَ: أَنْتَ مُضَارٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَنْصَارِيِّ: اذْهَبْ فَاقْلَعْ نَخْلَهُ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ لَا سَمَاعَ لَهُ مِنْ سَمُرَةَ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانُوا مُخَالِفِينَ لَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ -: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُمْ لَا يُجْبِرُونَ غَيْرَ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ جَارِهِ، وَلَا عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خِلَافُ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي - قَلْعُ نَخْلِهِ - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة بَيْع مَا غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ]
١٥٤٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ لَا مِنْ رَقِيقٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ - وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الْجِهَادِ ".
وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا جَرِيرٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ: أَتَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِآنِيَةٍ مُخَوَّصَةٍ بِالذَّهَبِ مِنْ آنِيَةِ الْعَجَمِ فَأَرَادَ أَنْ يَكْسِرَهَا وَيُقَسِّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ الدَّهَاقِينَ: إنْ كَسَرْت هَذِهِ كَسَرْت ثَمَنَهَا، وَنَحْنُ نُغْلِي لَك بِهَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَمْ أَكُنْ لِأَرُدَّ لَكُمْ مِلْكًا نَزَعَهُ اللَّهُ مِنْكُمْ، فَكَسَرَهَا وَقَسَّمَهَا بَيْنَ النَّاسِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مِنْ الصَّغَارِ، وَكُلُّ صَغَارٍ فَوَاجِبٌ حَمْلُهُ عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا الرَّقِيقُ: فَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الدُّعَاءَ إلَى الْإِسْلَامِ وَاجِبٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَمِنْ الْأَسْبَابِ الْمُعِينَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ كَوْنُ الْكَافِرِ وَالْكَافِرَةِ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ، وَمِنْ الْأَسْبَابِ الْمُبْعِدَةِ عَنْ الْإِسْلَامِ كَوْنُهُمَا عِنْدَ كَافِرٍ يُقَوِّي بَصَائِرَهُمَا فِي الْكُفْرِ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute