الْأَعْمَشُ نا إبْرَاهِيمُ نا الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ نا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَاَللَّهِ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ دِرْعَهُ لَمَرْهُونَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ بِعِشْرِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَخَذَهَا طَعَامًا لِأَهْلِهِ
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ شَعِيرًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَجَلٍ؟ قُلْنَا: وَلَا فِيهِ اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ، وَنَحْنُ لَا نَمْنَعُ مِنْ الرَّهْنِ بِغَيْرِ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ مِنْ الرَّاهِنِ حِينَئِذٍ، وَالتَّطَوُّعُ بِمَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ حَسَنٌ.
فَإِنْ ذُكِرَ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ فِي بَعْثَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاهُ إلَى يَهُودِيٍّ لِيُسَلِّفهُ طَعَامًا لِضَيْفٍ نَزَلَ بِهِ فَأَبَى إلَّا بِرّهنَّ فَرَهَنَهُ دِرْعَهُ.
فَهَذَا خَبَرٌ انْفَرَدَ بِهِ مُوسَى بْنُ عُبَيْدٍ الرَّبَذِيُّ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - ضَعَّفَهُ الْقَطَّانُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالْبُخَارِيُّ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ - وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ
[مَسْأَلَةٌ الْقَبْضَ فِي الرَّهْنِ]
١٢١٠ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا فِي نَفْسِ الْعَقْدِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣]
وَقَالَ قَوْمٌ: إنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَجْعَلَ الرَّهْنَ عِنْدَ ثِقَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ - وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ هَذَا وَلَيْسَ هُوَ قَبْضًا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ مَعْمَرٌ: عَنْ قَتَادَةَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ: عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَكَمِ - ثُمَّ اتَّفَقَ قَتَادَةَ، وَالْحَكَمُ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَلَيْسَ مَقْبُوضًا.
قَالَ سُفْيَانُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا.