للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَلَا نُبْعِدُهُ، لِأَنَّ مَنْ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] أَنَّ هَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ، لَا عَلَى التَّخْيِيرِ - فَغَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ أَيْضًا: إنَّهُ عَلَى التَّرْتِيبِ.

- وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يُجْزِيهِ بَدَل كَفَّارَة الْيَمِين]

١١٨٠ - مَسْأَلَةٌ

وَلَا يُجْزِيهِ بَدَلَ مَا ذَكَرْنَا: صَدَقَةٌ، وَلَا هَدْيٌ، وَلَا قِيمَةٌ، وَلَا شَيْءٌ سِوَاهُ أَصْلًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا، فَمَنْ أَوْجَبَ فِي ذَلِكَ قِيمَةً فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: ١] وَقَدْ شَرَعَ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

[مَسْأَلَةٌ حَنِثَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْكَفَّارَة ثُمَّ افْتَقَرَ]

١١٨١ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَنِثَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْإِطْعَامِ، أَوْ الْكِسْوَةِ، أَوْ الْعِتْقِ، ثُمَّ افْتَقَرَ فَعَجَزَ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ: لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ أَصْلًا، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حِينَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ أَحَدُ هَذِهِ الْوُجُوهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، فَلَا يَجُوزُ سُقُوطُ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقِينًا بِدَعْوَى كَاذِبَةٍ، لَكِنْ يُمْهَلُ حَتَّى يَجِدَ أَوْ لَا يَجِدَ، فَاَللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ حِسَابِهِ؛ وَأَمَّا مَا لَمْ يَحْنَثْ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وُجُوبُ كَفَّارَةٍ بَعْدُ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا فَتُجْزِيهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ حَنِثَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْكَفَّارَة]

١١٨٢ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَنِثَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ -: فَفَرْضُهُ الصَّوْمُ قَدَرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ، مَتَى قَدَرَ فَلَا يُجْزِيهِ إلَّا الصَّوْمُ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ، وَالْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ لَمْ يُجْزِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّوْمَ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ، أَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مَنْ يَصُومُ عَنْهُ، لِأَنَّ الصَّوْمَ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وُجُوبُهُ حِينَ حَنِثَ، وَصَحَّ لُزُومُهُ إيَّاهُ فَلَا يَجُوزُ سُقُوطُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ يَقِينًا، لَا شَكَّ فِيهِ بِدَعْوَى كَاذِبَةٍ.

وَقَالَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ: إنْ أَيْسَرَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ، أَوْ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الصَّوْمَ: انْتَقَلَ حُكْمُهُ إلَى الْعِتْقِ، أَوْ الْإِطْعَامِ، أَوْ الْكِسْوَةِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ دَعْوَى فَاسِدَةٌ، وَلَيْتَ شِعْرِي مَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُعْسِرَ بَعْدَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>