مَوَاضِعَ وَلَا مَزِيدَ: مَسْحُ الرَّأْسِ وَمَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ وَمَسْحٌ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ، وَمَسْحُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي الطَّوَافِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ خُصُومِنَا الْمُخَالِفِينَ لَنَا فِي أَنَّ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ وَمَسْحَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ، ثُمَّ نَقَضُوا ذَلِكَ فِي التَّيَمُّمِ، فَأَوْجَبُوا فِيهِ الِاسْتِيعَابَ تَحَكُّمًا بِلَا بُرْهَانٍ، وَاضْطَرَبُوا فِي الرَّأْسِ، فَلَمْ يُوجِبْ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَا الشَّافِعِيُّ فِيهِ الِاسْتِيعَابَ، وَهَمَّ مَالِكٌ بِأَنْ يُوجِبَهُ، وَكَادَ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ تَخْصِيصُ الْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ بِالِاسْتِيعَابِ بِلَا حُجَّةٍ، لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ وَلَا مِنْ لُغَةٍ وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا مِنْ قِيَاسٍ؟ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ لَوْ عَدِمَ الْمَيِّتُ الْمَاءَ]
٢٥١ - مَسْأَلَةٌ:
وَإِنْ عَدِمَ الْمَيِّتُ الْمَاءَ يُمِّمَ كَمَا يَتَيَمَّمُ الْحَيُّ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ فَرْضٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ التُّرَابَ طَهُورٌ إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ، فَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ طَهُورٍ وَاجِبٍ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ كُلَّ غُسْلٍ طَهُورٌ.
[مَسْأَلَةٌ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إلَّا بِالْأَرْضِ]
٢٥٢ - مَسْأَلَةٌ
وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إلَّا بِالْأَرْضِ، ثُمَّ تَنْقَسِمُ الْأَرْضُ إلَى قِسْمَيْنِ: تُرَابٌ وَغَيْرُ تُرَابٍ، فَأَمَّا التُّرَابُ فَالتَّيَمُّمُ بِهِ جَائِزٌ، كَانَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ مَنْزُوعًا مَجْعُولًا فِي إنَاءٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ أَوْ عَلَى يَدِ إنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ، أَوْ نُفِضَ غُبَارٌ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، فَاجْتُمِعَ مِنْهُ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الْكَفُّ، أَوْ كَانَ فِي بِنَاءِ لَبِنٍ أَوْ طَابِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا عَدَا التُّرَابَ مِنْ الْحَصَى أَوْ الْحَصْبَاءِ أَوْ الصَّحْرَاءِ أَوْ الرَّضْرَاضِ أَوْ الْهِضَابِ أَوْ الصَّفَا أَوْ الرُّخَامِ أَوْ الرَّمْلِ أَوْ مَعْدِنِ كُحْلٍ أَوْ مَعْدِنِ زِرْنِيخٍ أَوْ جَيَّار أَوْ جِصٍّ أَوْ مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ تُوتِيَاءَ أَوْ كِبْرِيتٍ أَوْ لَازَوَرْدَ أَوْ مَعْدِنِ مِلْحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ غَيْرَ مُزَالٍ عَنْهَا إلَى شَيْءٍ آخَرَ فَالتَّيَمُّمُ بِكُلِّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُزَالٌ إلَى إنَاءٍ أَوْ إلَى ثَوْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالْآجُرِّ، فَإِنْ رُضَّ حَتَّى يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ تُرَابٍ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الطِّينُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، فَإِنْ جَفَّ حَتَّى يُسَمَّى تُرَابًا جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِمِلْحٍ انْعَقَدَ مِنْ الْمَاءِ كَانَ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا بِثَلْجٍ وَلَا بِوَرَقٍ وَلَا بِحَشِيشٍ وَلَا بِخَشَبٍ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحُولُ بَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ وَبَيْنَ الْأَرْضِ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute