للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَمَّ قَوْمًا حَكَمُوا فِيمَا ظَنُّوهُ وَلَمْ يَسْتَيْقِنُوهُ.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» وَالْفَرْضُ عَلَى مَنْ ظَنَّ وَلَمْ يَسْتَيْقِنْ أَنْ يُمْسِكَ: فَلَا يَحْكُمُ وَلَا يَتَسَرَّعُ فِيمَا لَا يَقِينَ عِنْدَهُ فِيهِ، فَإِذَا تَيَقَّنَ حَكَمَ حِينَئِذٍ.

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]

وَقَالَ تَعَالَى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]

وَقَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣]

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِقَاضٍ أَنْ يَقْضِيَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ كَمَا يَتَبَيَّنُ اللَّيْلُ مِنْ النَّهَارِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ: صَدَقَ أَبُو مُوسَى.

قَالَ عَلِيٌّ: الْمُفْتِي قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَضَى بِوُجُوبِ مَا أَوْجَبَ، وَتَحْرِيمِ مَا حَرَّمَ، أَوْ إبَاحَةِ مَا أَبَاحَ، فَمَنْ أَيْقَنَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ بِنَصٍّ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَابِتٍ فَلْيُحَرِّمْهُ وَلْيُبْطِلْهُ أَبَدًا.

وَمَنْ أَيْقَنَ بِإِبَاحَتِهِ بِنَصٍّ كَمَا ذَكَرْنَا فَلْيَبُحْهُ وَلْيَنْفُذْهُ أَبَدًا.

وَمَنْ أَيْقَنَ بِوُجُوبِ شَيْءٍ بِنَصٍّ كَمَا ذَكَرْنَا فَلْيُوجِبْهُ وَلْيُنْفِذْهُ أَبَدًا، وَلَيْسَ فِي الدِّينِ قِسْمٌ رَابِعٌ أَصْلًا، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ حُكْمُهُ مِنْ النَّصِّ الْمَذْكُورِ فَلْيُمْسِكْ عَنْهُ وَلْيَقُلْ كَمَا قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ: {لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: ٣٢] وَمَا عَدَا هَذَا فَضَلَالُ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ.

قَالَ تَعَالَى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢] .

[مَسْأَلَةٌ ابْتَاعَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لَهُمَا مَالٌ]

١٤٤٩ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لَهُمَا مَالٌ فَمَالُهُمَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَكُونَ لَهُ، وَلَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ - كَثُرَ أَوْ قَلَّ - وَلَا لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ أَصْلًا.

فَإِنْ كَانَ فِي مَالِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ: ذَهَبٌ كَثِيرٌ أَوْ قَلِيلٌ، وَقَدْ ابْتَاعَ الْأَمَةَ أَوْ الْعَبْدَ بِذَهَبٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الذَّهَبِ أَوْ مِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ: نَقْدًا أَوْ حَالًّا فِي الذِّمَّةِ، أَوْ إلَى أَجَلٍ -: جَازَ كُلُّ ذَلِكَ - وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهِ فِضَّةٌ وَلَا فَرْقَ.

فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَة: رَدَّهُ أَوْ رَدَّهَا وَالْمَالُ لَهُ لَا يَرُدُّهُ مَعَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>