للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا هِيَ الِانْتِفَاعُ بِمَنَافِعِ الشَّيْءِ الْمُؤَاجَرِ الَّذِي لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ، وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ، فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ.

[مَسْأَلَةٌ إجَارَةُ مَا تُتْلَفُ عَيْنُهُ]

١٢٨٧ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ إجَارَةُ مَا تُتْلَفُ عَيْنُهُ أَصْلًا، مِثْلَ الشَّمْعِ لِلْوَقِيدِ، وَالطَّعَامِ لِلْأَكْلِ، وَالْمَاءِ لِلسَّقْيِ بِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ لَا إجَارَةٌ، وَالْبَيْعُ هُوَ تَمَلُّكُ الْعَيْنِ، وَالْإِجَارَةُ لَا تُمْلَكُ بِهَا الْعَيْنُ.

[مَسْأَلَةٌ الْإِجَارَاتِ الَّتِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْعَمَلِ الَّذِي يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ]

١٢٨٨ - مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ الْإِجَارَاتِ مَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْعَمَلِ الَّذِي يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ فَقَطْ وَلَا يُذْكَرُ فِيهِ مُدَّةٌ كَالْخِيَاطَةِ وَالنَّسْجِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ إلَى مَكَان مُسَمًّى، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا مَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ كَسُكْنَى الدَّارِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا كَالْخِدْمَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَا مَجْهُولَةٌ وَإِذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً فَهِيَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.

وَالْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ جَائِزَةٌ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُؤَاجَرَةِ.

[مَسْأَلَةٌ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مِنْ سَيِّدِهِ لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً مُسَمَّاةً]

١٢٨٩ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِنْ سَيِّدِهِ لِلْخِدْمَةِ مُدَّةً مُسَمَّاةً بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وليستعملهما فِيمَا يُحْسِنَانِهِ وَيُطِيقَانِهِ بِلَا إضْرَارٍ بِهِمَا. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَقِيلٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «اسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَدَفَعَا إلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ» .

[مَسْأَلَةٌ اشْتِرَاطُ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ]

١٢٩٠ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَلَا تَعْجِيلِ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِهَا إلَى أَجَلٍ وَلَا تَأْخِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا كَذَلِكَ.

وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ وَلَا تَأْخِيرِ الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>