للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَخْلِيلِهَا أَوْ تَرْكِ تَخْلِيلِهَا، بَلْ الْمُرِيدُ لِبَقَائِهَا خَمْرًا أَعْظَمُ إثْمًا وَأَكْثَرُ جُرْمًا مِنْ الْمُتَعَمِّدِ لِإِفْسَادِهَا وَالْقَاصِدِ لِتَغْيِيرِهَا - وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ: إذَا تَخَلَّلَتْ حَلَّتْ، وَإِنْ خُلِّلَتْ لَمْ تَحِلَّ - وَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ وَرُوِّينَا عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيِّينَ: أَنَّ كُلَّ خَلٍّ تَوَلَّدَ مِنْ خَمْرٍ بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ فَهُوَ حَرَامٌ - وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا عِصْيَانُ مُمْسِكِ الْخَمْرِ -: فَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ قَالَ: نا زَكَرِيَّا - هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ - نا عُبَيْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ عَمْرٍو - عَنْ زَيْدٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ - عَنْ يَحْيَى النَّخَعِيِّ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيذِ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِسِقَاءٍ فَجُعِلَ فِيهِ زَبِيبٌ وَمَاءٌ جُعِلَ مِنْ اللَّيْلِ فَأَصْبَحَ فَشَرِبَ مِنْهُ يَوْمَهُ وَاللَّيْلَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَمِنْ الْغَدِ حَتَّى أَمْسَى فَشَرِبَ وَسَقَى فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ فَأُهْرِقَ» . فَلَا يَحِلُّ إمْسَاكُ الْخَمْرِ أَصْلًا. فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ السَّبِيلُ إلَى خَلٍّ لَا يَأْثَمُ مُعَانِيهِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، بِأَنْ يَكُونَ الْعِنَبُ كَمَا هُوَ يُلْقَى فِي الظَّرْفِ صَحِيحًا فَإِذَا كَانَ فِي اسْتِقْبَالِ الصَّيْفِ الَّذِي يَأْتِي عُصِرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَصِرُ إلَّا الْخَلُّ الصِّرْفُ. وَلَا يُسَمَّى خَمْرًا مَا لَمْ يَبْرُزْ مِنْ الْعِنَبِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ مَنْ عَصَرَ الْعِنَبَ، أَوْ نَبَذَ الزَّبِيبَ أَوْ التَّمْرَ ثُمَّ صَبَّ عَلَى الْعَصِيرِ الْحُلْوِ أَوْ النَّبِيذِ الْحُلْوِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِهِمَا الْغَلَيَانُ مِثْلَ كِلَيْهِمَا خَلًّا حَاذِقًا، فَإِنَّهُ يَتَخَلَّلُ، وَلَا يَصِيرُ خَمْرًا أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ السَّمْنُ الذَّائِبُ يَقَعُ فِيهِ الْفَأْرُ]

١٠٣٥ - مَسْأَلَةٌ: وَالسَّمْنُ الذَّائِبُ يَقَعُ فِيهِ الْفَأْرُ مَاتَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَمُتْ -: فَهُوَ حَرَامٌ، لَا يَحِلُّ إمْسَاكُهُ أَصْلًا، بَلْ يُهْرَاقُ، فَإِنْ كَانَ جَامِدًا أُخِذَ مَا حَوْلَ الْفَأْرِ فَرُمِيَ، وَكَانَ الْبَاقِي حَلَالًا كَمَا كَانَ. وَأَمَّا كُلُّ مَا عَدَا السَّمْنِ يَقَعُ فِيهِ الْفَأْرُ أَوْ غَيْرُ الْفَأْرِ فَيَمُوتُ أَوْ لَا يَمُوتُ فَهُوَ كُلُّهُ حَلَالٌ كَمَا كَانَ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ الْحَرَامُ فَهُوَ حَرَامٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>