للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَاهِلِ فِي الْعِدَّةِ - وَرَأَوْا مَا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا إثْمَ لِلْجَهَالَةِ أَغْلَظَ مِنْ الْحَرَامِ الْمُتَيَقَّنِ - فَهَلْ فِي الْعَجَبِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا؟ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.

[مَسْأَلَة مِنْ أنفسخ نِكَاحهَا بَعْد صِحَّته بِمَا يُوجِبُ فسخه]

١٨٤٥ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ بَعْدَ صِحَّتِهِ بِمَا يُوجِبُ فَسْخَهُ فَلَهَا الْمَهْرُ الْمُسَمَّى كُلُّهُ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] فَالصَّدَاقُ وَاجِبٌ لَهَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ - وَدَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ - فَإِذَا انْفَسَخَ فَحَقُّهَا فِي الصَّدَاقِ بَاقٍ، كَمَا لَوْ مَاتَ وَلَا فَرْقَ.

وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا فِي الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا نِصْفُ الصَّدَاقِ فَإِنَّمَا قَالَهُ قِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا، لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِعْلُ الْمُطَلِّقِ، وَالْفَسْخَ لَيْسَ فِعْلَهُ، فَلَا تَشَابُهَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ، بَلْ الْفَسْخُ بِالْمَوْتِ أَشْبَهُ، لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاخْتِيَارِهِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْقَطَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ فِي بَعْضِ وُجُوهِ الْفَسْخِ إذَا جَاءَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِهَا - فَقَوْلُهُ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِلَا بُرْهَانٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة إذَا طَلَّقَتْ الْمَرْأَة قَبْل الدُّخُول]

١٨٤٦ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ الَّذِي سُمِّيَ لَهَا - وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا - طَالَ مُقَامُهُ مَعَهَا أَوْ لَمْ يَطُلْ - هَذَا فِي كُلِّ مَهْرٍ كَانَ بِصِفَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، كَعَدَدٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ كَيْلٍ، أَوْ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ، أَوْ فِي مَكَان بِعَيْنِهِ إنْ وُجِدَ صَحِيحًا، وَسَوَاءٌ كَانَ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مُسَمًّى فِي نَفْسِ الْعَقْدِ أَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَتَرَاضَيَا، فَقُضِيَ لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] الْآيَةَ.

وَفِيمَا ذَكَرْنَا اخْتِلَافٌ قَدِيمٌ وَحَدِيثٌ فِي دُخُولِهِ بِهَا وَلَمْ يَطَأْهَا، وَفِي ضَيَاعِ الْمَهْرِ، وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الصَّدَاقِ مَفْرُوضًا فِي الْعَقْدِ وَبَيْنَ تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ الْحُكْمِ لَهَا بِهِ عَلَيْهِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ.

فَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الصَّدَاقِ مَفْرُوضًا فِي الْعَقْدِ، وَبَيْنَ تَرَاضِيهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ الْحُكْمِ لَهَا بِهِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>