فَإِنْ قِيلَ: هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؟ قُلْنَا: فَكَانَ مَاذَا؟ وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفْتُمْ فِيهَا الْجُمْهُورَ؟ نَعَمْ، وَأَتَيْتُمْ بِقَوْلٍ لَا يُعْرَفُ أَحَدٌ قَالَهُ قَبْلُ مَنْ قَلَّدْتُمُوهُ دِينَكُمْ. وَهَذَا الشَّافِعِيُّ خَالَفَ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَفِي تَحْدِيدِ الْقُلَّتَيْنِ، وَفِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ بِمَا يَمُوتُ فِيهِ مِنْ الذُّبَابِ، وَفِي نَجَاسَةِ الشَّعْرِ، وَفِي أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ قَضِيَّةٍ. وَهَذَا أَبُو حَنِيفَةَ خَالَفَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ. وَخَالَفَ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الْخُلْطَةَ لَا تُغَيِّرُ الزَّكَاةَ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ. وَخَالَفَ فِي وَضْعِهِ فِي الذَّهَبِ أَوْقَاصًا جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ - وَفِي أَزْيَدَ مِنْ أَلْفِ قَضِيَّةٍ.
وَهَذَا مَالِكٌ خَالَفَ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي السَّائِمَةِ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ. وَفِي الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ تُفْطِرَانِ، وَفِي أَنَّ الْعُمْرَةَ تَطَوُّعٌ - وَفِي مِئِينَ مِنْ الْقَضَايَا، فَالْآنَ صَارَ أَكْثَرُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ - وَلَا يَبْلُغُونَ عَشَرَةً حُجَّةً لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا، وَقَدْ خَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ. وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا رِوَايَةَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَحَدِيثِهِ «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ أَمْرٌ فِي مَالِهَا، وَلَا عَطِيَّةٌ، إذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا» وَأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَا شَاةٍ، وَفِي إحْرَاقِ رَحْلِ الْغَالِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ - وَهَذَا لَعِبٌ وَعَبَثٌ فِي الدِّينِ.
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَانَ عَبْدًا فَهُوَ كَذَلِكَ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، مَا لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِخِلَافِ هَذَا فَيُوقَفُ عِنْدَهُ، وَقَدْ صَحَّ النَّصُّ بِخِلَافِ هَذَا، وَبِشُرُوعِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِبَيْعِ بَرِيرَةَ - وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، وَلَمْ تَكُنْ أَدَّتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا، هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ وَبِهَذَا نَقُولُ، فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ وَصَحَّ قَوْلُنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا.
[مَسْأَلَة مُكَاتَبَة مملوكين مَعًا كِتَابَة وَاحِدَة]
١٦٩٠ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ كِتَابَةُ مَمْلُوكَيْنِ مَعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً، سَوَاءٌ كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ أَوْ ذَوَيْ رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute