بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ» .
فَلَيْتَ شِعْرِي بِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَحَلُّوا أَنْ يُوهِمُوا فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ أَثَرٌ وَلَا دَلِيلٌ؟ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ سَفْكَ الدِّمَاءِ وَالْقِتَالَ حَرَامٌ لَمْ يَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلْإِحْرَامِ مَعْنًى.
وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَخَلَهَا وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ أَوْ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ - وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَأْتِ هَذَا لَكَانَ فِي أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِإِيجَابِ الْإِحْرَامِ عَلَى مَنْ قَصَدَهَا لِغَيْرِ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ كِفَايَةٌ. وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ. .
[مَسْأَلَةٌ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ وَلَا اعْتَمَرَ قَطُّ]
٩٠٥ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ، أَوْ يَعْتَمِرَ، وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ وَلَا اعْتَمَرَ قَطُّ فَلْيَبْدَأْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ، وَلَا يُجْزِيهِ إلَّا ذَلِكَ، وَلَا يُجْزِيه أَنْ يَحُجَّ نَاوِيًا لِلْفَرْضِ وَلِنَذْرِهِ، وَلَا لِحَجَّةِ فَرْضٍ وَعُمْرَةِ نَذْرٍ، وَلَا لِحَجَّةِ نَذْرٍ وَعُمْرَةِ فَرْضٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَ اللَّهِ ثَابِتٌ عَلَيْهِ قَبْلَ نَذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ مَا قَدَّمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - فَهُوَ عَاصٍ وَالْمَعْصِيَةُ لَا تَنُوبُ عَنْ الطَّاعَةِ وَلَا يُجْزِي عَمَلٌ وَاحِدٌ عَنْ عَمَلَيْنِ مُفْتَرَضَيْنِ إلَّا حَيْثُ أَجَازَهُ النَّصُّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَقْرِنَ فَالْعُمْرَةُ الْمُوجَبَةُ عَلَيْهِ لَسَوْقِ الْهَدْيِ هِيَ غَيْرُ الَّتِي نَذَرَ؛ فَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ مَا أُمِرَ بِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ عَمَلٌ عَنْ عَمَلَيْنِ إلَّا حَيْثُ أَجَازَهُ النَّصُّ، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ.
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ عَنْ صَلَاتَيْنِ، وَوَافَقُونَا - نَعْنِي الْحَاضِرِينَ مِنْ خُصُومِنَا - عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ صَوْمُ يَوْمٍ عَنْ يَوْمَيْنِ، وَلَا رَقَبَةٌ عَنْ رَقَبَتَيْنِ وَلَا زَكَاةٌ عَنْ زَكَاتَيْنِ، فَتَنَاقَضُوا، وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَمَّنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ بَعْدُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَفِي بِنَذْرِك.
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: يَبْدَأُ بِالْفَرِيضَةِ فِيمَنْ نَذَرَ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ بَعْدُ. وَفِي هَذَا خِلَافٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute