الْفَرْضُ الْمُضَيَّعُ.
وَإِذَا عَصَى فِي تَطَوُّعِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .
فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ التَّطَوُّعَ لَا يُقْبَلُ مِمَّنْ لَا يُؤَدِّي الْفَرِيضَةَ كَالتَّاجِرِ لَا يَصِحُّ لَهُ رِبْحٌ حَتَّى يَخْلُصَ رَأْسُ مَالِهِ؛ فَبَاطِلٌ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْأَنْدَلُسِيِّ عَنْ الْمَكْفُوفِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَوْطٍ، وَهَذِهِ بَلَايَا فِي نَسَقٍ إحْدَاهَا يَكْفِي؛ وَمُرْسَلٌ أَيْضًا، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ.
وَعَبْدُ الْمَلِكِ سَاقِطٌ؛ وَهَذَا أَيْضًا مُنْقَطِعٌ، وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ قَصَدَ التَّطَوُّعَ؛ لِيُعَوِّضَهُ عَنْ الْفَرِيضَةِ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ غَيْرَ نَادِمٍ، وَلَا تَائِبٍ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَاتُ الْخَمْسُ]
ُ ٢٨١ - مَسْأَلَةٌ الْمَفْرُوضُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى خَمْسٌ وَهِيَ: الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ الْآخِرَةُ، وَهِيَ الْعَتَمَةُ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ.
فَالصُّبْحُ رَكْعَتَانِ أَبَدًا، عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، مِنْ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ أَوْ مُقِيمٍ؛ خَائِفٍ أَوْ آمِنٍ؛ وَالْمَغْرِبُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ أَبَدًا؛ كَمَا قُلْنَا فِي الصُّبْحِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ.
وَأَمَّا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ الْآخِرَةُ - فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى الْمُقِيمِ - مَرِيضًا كَانَ أَوْ صَحِيحًا، خَائِفًا أَوْ آمِنًا - أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ؛ وَكُلُّ هَذَا إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ مَقْطُوعٌ بِهِ، لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ قَدِيمًا، وَلَا حَدِيثًا، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ؛ وَكُلُّ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ عَلَى الْمُسَافِرِ الْآمِنِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ الْخَائِفُ فَإِنْ شَاءَ صَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ هَذَا فِيمَا ذَلِكَ السَّفَرُ؛ وَفِي مِقْدَارِ ذَلِكَ السَّفَرِ مِنْ الزَّمَانِ وَمِنْ الْمَسَافَةِ؛ وَفِي هَلْ ذَلِكَ الْقَصْرُ عَلَيْهِ فَرْضٌ أَمْ هُوَ فِيهِ مُخَيَّرٌ، وَفِي هَلْ تُجْزِئُ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْخَوْفِ فِي السَّفَرِ أَمْ لَا.
وَسَنَذْكُرُ الْبُرْهَانَ عَلَى الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ، وَبُطْلَانَ الْخَطَأِ فِيهِ، فِي أَبْوَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَبِهِ تَعَالَى نَسْتَعِينَ وَبِهِ نَتَأَيَّدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute