للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّهُ صَادَ أَرْنَبًا فَأَتَى بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَرِكِهَا وَفَخْذَيْهَا فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَبِلَهَا» . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِأَرْنَبٍ مَشْوِيَّةٍ فَلَمْ يَأْكُلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْهَا وَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْقَوْمَ فَأَكَلُوا» فَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ فِي تَحْلِيلِهَا وَقَدْ يَكْرَهُهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خِلْقَةً، لَا لِإِثْمٍ فِيهَا، وَنَحْنُ لَعَمْرُ اللَّهِ نَكْرَهُهَا جُمْلَةً وَلَا نَقْدِرُ عَلَى أَكْلِهَا أَصْلًا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّحْرِيمِ فِي شَيْءٍ؟

[مَسْأَلَةٌ الْخَلُّ الْمُسْتَحِيلُ عَنْ الْخَمْرِ]

١٠٣٤ - مَسْأَلَةٌ: وَالْخَلُّ الْمُسْتَحِيلُ عَنْ الْخَمْرِ حَلَالٌ تَعَمَّدَ تَخْلِيلَهَا أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إلَّا أَنَّ الْمُمْسِكَ لِلْخَمْرِ لَا يُرِيقُهَا حَتَّى يُخَلِّلَهَا أَوْ تَتَخَلَّلَ مِنْ ذَاتِهَا -: عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُجَرَّحُ الشَّهَادَةِ. بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الْخَمْرَ مُفَصَّلٌ تَحْرِيمُهَا، وَالْخَلُّ حَلَالٌ لَمْ يُحَرَّمْ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّارِمِيُّ أَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ نا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ» فَإِذًا الْخَلُّ حَلَالٌ، فَهُوَ بِيَقِينٍ غَيْرُ الْخَمْرِ الْمُحَرَّمَةِ، وَإِذَا سَقَطَتْ عَنْ الْعَصِيرِ الْحَلَالِ صِفَاتُ الْعَصِيرِ وَحَلَّتْ فِيهِ صِفَاتُ الْخَمْرِ فَلَيْسَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ عَصِيرًا حَلَالًا، بَلْ هِيَ خَمْرٌ مُحَرَّمَةٌ، وَإِذَا سَقَطَتْ عَنْ تِلْكَ الْعَيْنِ صِفَاتُ الْخَمْرِ الْمُحَرَّمَةِ وَحَلَّتْ فِيهَا صِفَاتُ الْخَلِّ الْحَلَالِ، فَلَيْسَتْ خَمْرًا مُحَرَّمَةً، بَلْ هِيَ خَلٌّ حَلَالٌ. وَهَكَذَا كُلُّ مَا فِي الْعَالَمِ إنَّمَا الْأَحْكَامُ عَلَى الْأَسْمَاءِ فَإِذَا بَطَلَتْ تِلْكَ الْأَسْمَاءُ بَطَلَتْ تِلْكَ الْأَحْكَامُ الْمَنْصُوصَةُ عَلَيْهَا وَحَدَثَتْ لَهَا أَحْكَامُ الْأَسْمَاءِ الَّتِي انْتَقَلَتْ إلَيْهَا فَلِلصَّغِيرِ حُكْمُهُ، وَلِلْبَالِغِ حُكْمُهُ، وَلِلْمَيِّتِ حُكْمُهُ، وَلِلدَّمِ حُكْمُهُ، وَلِلْغِذَاءِ الَّذِي اسْتَحَالَ مِنْهُ حُكْمُهُ، وَلِلَّبَنِ، وَاللَّحْمِ الْمُسْتَحِيلَيْنِ عَنْ الدَّمِ حُكْمُهُمَا؛ وَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ. وَلَا مَعْنَى لِتَعَمُّدِ تَخْلِيلِهَا، أَوْ لِتَخْلِيلِهَا مِنْ ذَاتِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٌ، وَإِنَّمَا الْحَرَامُ إمْسَاكُ الْخَمْرِ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>