فَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ حَدَثَ عَنْهُ بُطْلَانُ عُضْوٍ آخَرَ، فَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْعُضْوِ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ الْآنَ وَجَبَ لَهُ وَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ خَاصَّةً - لَا بِمِثْلِ مَا جَنَى عَلَى مَقْتُولِهِمْ - لِأَنَّ تِلْكَ الْجِنَايَاتِ كَانَ لَهُ الْقَوَدُ فِيهَا فَعَفَا عَنْهَا فَسَقَطَتْ وَبَقِيَ قَتْلُ النَّفْسِ فَقَطْ، وَلَا عَفْوَ لَهُ فِيهِ، فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ، فَلَهُمْ قَتْلُهُ، وَإِذْ لَهُمْ قَتْلُهُ، وَبَطَلَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا جَنَى عَلَيْهِ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ يُقَدْ مِنْهَا، فَإِنَّمَا الْقَتْلُ بِالسَّيْفِ فَقَطْ.
وَهَكَذَا لَوْ اسْتَقَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِمَّا جَنَى عَلَيْهِ الْجَانِي ثُمَّ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْجَانِيَ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُقِيدَ مِنْهُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَا يُعْتَدَى عَلَيْهِ بِأُخْرَى.
قَالَ عَلِيٌّ: وَلَوْ أَنَّ جَانِيًا جَنَى عَلَى إنْسَانٍ جِنَايَةً قَدْ يُعَاشُ مِنْهَا، أَوْ لَا سَبِيلَ إلَى الْعَيْشِ مِنْهَا، فَقَامَ وَلِيُّ هَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَتَلَ الْجَانِي قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَلِأَوْلِيَاءِ الْجَانِي الْمَقْتُولِ قَتْلُ قَاتِلِ وَلِيِّهِمْ، ثُمَّ إنْ مَاتَ الْجَانِي عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهَا حَتَّى مَاتَ الْجَانِي فَلَا شَيْءَ فِيهَا، لِأَنَّ الْقَوَدَ قَدْ بَطَلَ بِمَوْتِهِ، وَقَدْ صَارَ الْمَالُ فِي حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِغَيْرِ الْجَانِي، وَهُمْ الْوَرَثَةُ، فَهُوَ مَالٌ مِنْ مَالِهِمْ، وَلَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُمْ، وَلَا مَالَ لِلْجَانِي أَصْلًا، فَجِنَايَتُهُ بَاطِلٌ، قَالَ تَعَالَى {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الْوَلِيُّ يَعْفُو أَوْ يَأْخُذُ الدِّيَةَ ثُمَّ يَقْتُلُ]
٢٠٨٩ - مَسْأَلَةٌ: وَالْوَلِيُّ يَعْفُو أَوْ يَأْخُذُ الدِّيَةَ ثُمَّ يَقْتُلُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُقْتَلُ - كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ نا يُونُسُ قَالَ: سَأَلْت ابْنَ شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا ثُمَّ صَالَحَ، فَأَدَّى الدِّيَةَ ثُمَّ قَتَلَهُ؟ قَالَ: نَرَى أَنْ يُقَادَ بِهِ صَاغِرًا، وَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ إنْ شَاءَ.
حَدَّثَنَا حُمَامٌ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ نا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ هَارُونَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي رَجُلٍ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ، قَالَ: يُقْتَلُ، أَمَا سَمِعْت قَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: ١٧٨] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute