[مَسْأَلَة لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ بَيِّنَةٌ وَأَبَى الْمَطْلُوبُ مِنْ الْيَمِينِ]
مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلطَّالِبِ بَيِّنَةٌ وَأَبَى الْمَطْلُوبُ مِنْ الْيَمِينِ: أُجْبِرَ عَلَيْهَا - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ - بِالْأَدَبِ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ أَصْلًا، وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الطَّالِبِ أَلْبَتَّةَ.
وَلَا تَرُدُّ يَمِينٌ أَصْلًا، إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ فَقَطْ -: وَهِيَ الْقَسَامَةُ: فِيمَنْ وُجِدَ مَقْتُولًا، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ لِأَوْلِيَائِهِ بَيِّنَةٌ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْهُمْ، وَاسْتَحَقُّوا الْقِصَاصَ أَوْ الدِّيَةَ، فَإِنْ أَبَوْا حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَبَرِئُوا، فَإِنْ نَكَلُوا أُجْبِرُوا عَلَى الْيَمِينِ أَبَدًا - وَهَذَا مَكَانٌ يَحْلِفُ فِيهِ الطَّالِبُونَ، فَإِنْ نَكَلُوا رُدَّ عَلَى الْمَطْلُوبِينَ.
وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي: الْوَصِيَّةُ فِي السَّفَرِ، لَا يَشْهَدُ عَلَيْهَا إلَّا كُفَّارٌ، وَأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ الْكَافِرَيْنِ يَحْلِفَانِ مَعَ شَهَادَتِهَا، فَإِنْ نَكَلَا لَمْ يُقْضَ بِشَهَادَتِهَا، فَإِنْ قَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِ حَلَفَ اثْنَانِ مِنْهُمْ مَعَ شَهَادَتِهِمَا، وَحُكِمَ بِهَا، وَفُسِخَ مَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلَانِ، فَإِنْ نَكَلَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهَا، وَبَقِيَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ كَمَا حُكِمَ بِهِ - فَهَذَا مَكَانٌ يَحْلِفُ فِيهِ الشُّهُودُ لَا الطَّالِبُ وَلَا الْمَطْلُوبُ.
وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: مَنْ قَامَ لَهُ بِدَعْوَاهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ، أَوْ امْرَأَتَانِ عَدْلَتَانِ، فَيَحْلِفُ وَيُقْضَى لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ، فَإِنْ نَكَلَ أُجْبِرَ عَلَى الْيَمِينِ أَبَدًا، فَهَذَا مَكَانٌ يَحْلِفُ فِيهِ الطَّالِبُ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ.
وَفِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا اخْتِلَافٌ -: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِدَعْوَى الطَّالِبِ دُونَ أَنْ يَحْلِفَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِ إلَّا حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ، فَيُقْضَى لَهُ حِينَئِذٍ، فَالْقَائِلُونَ يُقْضَى عَلَى الْمَطْلُوبِ بِنُكُولِهِ دُونَ أَنْ تُرَدَّ الْيَمِينُ -.
فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ نا يَزِيدُ - هُوَ ابْنُ هَارُونَ - عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ خَاصَمَ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ إلَى عُثْمَانَ فَقَالَ عُثْمَانُ لِابْنِ عُمَرَ: احْلِفْ بِاَللَّهِ لَقَدْ بِعْته وَمَا بِهِ مِنْ دَاءٍ عَلِمْته فَأَبَى ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَنْ يَحْلِفَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عُثْمَانُ الْعَبْدَ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute