للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبْطَلُوا هُمْ، وَالشَّافِعِيُّونَ الْحَجَّ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى الْوَطْءِ وَلَمْ يُبْطِلْهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَمْ يُبْطِلُوهُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ عَمْدًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ كِتَابِيّ قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ]

٨٧٧ - مَسْأَلَةٌ:

فَلَوْ أَنَّ كِتَابِيًّا قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] فَوَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ الْمُتَعَمِّدُ لِقَتْلِ الصَّيْدِ وَهُوَ مُحْرِمٌ]

٨٧٨ - مَسْأَلَةٌ:

وَأَمَّا الْمُتَعَمِّدُ لِقَتْلِ الصَّيْدِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَيُّهَا شَاءَ فَعَلَهُ؟ وَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُهْدِيَ مِثْلَ الصَّيْدِ الَّذِي قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ وَهِيَ: الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ - ضَأْنُهَا، وَمَاعِزُهَا - وَعَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يُشْبِهُ الصَّيْدَ الَّذِي قَتَلَ مِمَّا قَدْ حَكَمَ بِهِ عَدْلَانِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، أَوْ مِنْ التَّابِعِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ تَحْكِيمَ حُكْمَيْنِ الْآنَ وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ؛ وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ شَاءَ نَظَرَ إلَى مَا يُشْبِعُ ذَلِكَ الصَّيْدَ مِنْ النَّاسِ، فَصَامَ بَدَلَ كُلِّ إنْسَانٍ يَوْمًا.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] .

فَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى التَّخْيِيرَ فِي ذَلِكَ بِلَفْظَةِ " أَوْ " وَأَوْجَبَ مِنْ الْمِثْلِ مَا حَكَمَ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنَّا.

فَصَحَّ أَنَّ الصَّاحِبَيْنِ إذَا حَكَمَا بِمِثْلٍ فِي ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ فَرْضًا لَازِمًا لَا يَحِلُّ تَعَدِّيهِ؛ وَكَذَلِكَ الصَّاحِبُ وَالتَّابِعُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ حُكْمُ صَاحِبَيْنِ؛ وَكَذَلِكَ حُكْمُ التَّابِعِينَ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي حُكْمِ صَاحِبٍ، وَأَوْجَبَ تَعَالَى طَعَامَ مَسَاكِينَ، وَهَذَا بِنَاءً لَا يَقَعُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ، وَيَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا إلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إحْصَائِهِ إلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَكَانَ إيجَابُ عَدَدٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ قَوْلًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَوَجَبَ إطْعَامُ الثَّلَاثَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ لَا أَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعُ خَيْرٍ.

وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَقْطَعُ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يُلْزِمَ فِي هَذَا عَدَدًا مَحْدُودًا مِنْ الْمَسَاكِينِ لَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَوْ صِفَةٌ مِنْ الْإِطْعَامِ لَا يَقْتَضِيه وَظَاهِرُ الْآيَةِ لَمَا أَغْفَلَهُ عَمْدًا وَلَا نَسِيَهُ، وَلَبَيَّنَهُ لَنَا فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا بَيَّنَ عَدَدَ الْمَسَاكِينِ فِي كَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ، وَكَفَّارَةِ الْعَوْدِ لِلظِّهَارِ، وَكَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ، وَكَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ، وَكَفَّارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>