للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيق أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ نا أَبُو هِشَامٍ نا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ نا قَتَادَةُ نا النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ بَقِيَّتَهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» وَهَذَا خَبَرٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ الزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: قَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرُ: شُعْبَةُ، وَهَمَّامٌ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ فَلَمْ يَذْكُرُوا مَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَكَانَ مَاذَا؟ وَابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ثِقَةٌ، فَكَيْفَ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَرِيرٌ، وَأَبَانُ، وَهُمَا ثِقَتَانِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ هَمَّامًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ؟ قُلْنَا: صَدَقَ هَمَّامٌ، قَالَ قَتَادَةُ مُفْتِيًا بِمَا رَوَى، وَصَدَقَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَجَرِيرٌ، وَأَبَانُ، وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ، وَغَيْرُهُمْ، فَأَسْنَدُوهُ عَنْ قَتَادَةَ، وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُ قَتَادَةَ هَذَا لَكَانَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ بِالتَّضْمِينِ: جُمْلَةً زَائِدَةً عَلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ، فَكَانَ يَكُونُ الْقَوْلُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَهَذَا لَا مُخَلِّصَ لَهُ عَنْهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ حُرٌّ سَاعَةَ يُعْتَقُ بَعْضُهُ، فَإِنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ قَالَ " ثُمَّ يُعْتَقُ " وَكَانَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ الَّتِي ذَكَرْنَا " عَتَقَ كُلُّهُ " فَكَانَتْ هَذِهِ زِيَادَةً لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا، فَإِذْ قَدْ عَتَقَ كُلُّهُ فَوَلَاؤُهُ لِلَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا رُجُوعُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ - فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْزَمَ الْغَرَامَةَ لِلْمُعْتِقِ فِي يَسَارِهِ وَأَلْزَمَهَا الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ فِي إعْسَارِ الْمُعْتِقِ وَلَمْ يَذْكُرْ رُجُوعًا، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْقَضَاءُ بِرُجُوعٍ فِي ذَلِكَ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يَفِي بِجَمِيعِ قِيمَةِ الْعَبْدُ فَلَا غَرَامَةَ عَلَى الْمُعْتِقِ لَكِنْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدَ، وَهَذَا مُقْتَضَى لَفْظِ الْخَبَرِ.

وَبِهِ يَقُولُ حَمَّادٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة عِتْق بَعْض الْعَبْد]

١٦٦٨ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ بِلَا اسْتِسْعَاءٍ، وَلَوْ أَوْصَى

<<  <  ج: ص:  >  >>