للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا أَصْلًا وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ خَبَرٌ آخَرُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا، وَقَدْ أَقْدَمَ بَعْضُهُمْ فَزَادَ فِي هَذَا الْخَبَرِ «وَرَقَّ مِنْهُ مَا رَقَّ» وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ مَكْذُوبَةٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهَا، لَا ثِقَةٌ وَلَا ضَعِيفٌ، وَلَا يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بِمَا هَذِهِ صِفَتُهُ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ " دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ الْمُعْسِرِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ قَدْ " عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ " وَبَقِيَ حُكْمُ الْمُعْسِرِ فَوَجَبَ طَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ لَفْظَةَ «وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ نَافِعٍ، وَلَسْنَا نَلْتَفِتُ إلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ، لَكِنْ يَنْبَغِي طَلَبُ الزِّيَادَةِ، فَإِذَا وُجِدَتْ صَحِيحَةً وَجَبَ الْأَخْذُ بِهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ.

فَلَمْ يَبْقَ إلَّا قَوْلُنَا - فَوَجَدْنَا الْحُجَّةَ لَهُ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ نا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَإِسْمَاعِيلُ - هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَخَلَاصُهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا مُسْلِمٌ - هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ الْكَشِّيُّ - نا أَبَانُ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ - نا قَتَادَةُ نا النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ كُلَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» .

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ - قَالَ أَحْمَدُ: نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ سَمِعْتُ قَتَادَةَ، وَقَالَ أَبُو النُّعْمَانِ: نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ اتَّفَقَا عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» وَقَدْ سَمِعَ قَتَادَةُ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>