قُلْنَا: لَا يَحِلُّ ضَرْبُ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَلَا أَنْ يُتْرَكَ حُكْمُهُ بِحُكْمٍ لَهُ آخَرَ، بَلْ كُلُّ أَحْكَامِهِ فَرْضٌ اتِّبَاعُهَا، وَكُلُّ كَلَامِهِ حَقٌّ مَسْمُوعٌ لَهُ وَمُطَاعٌ، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بِعِتْقِ مَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ، إمَّا عَلَى مُعْتِقِ بَعْضِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِمَّا بِالِاسْتِسْعَاءِ، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَصَّ الْمُكَاتَبَ بِحُكْمٍ آخَرَ - وَهُوَ عِتْقُ بَعْضِهِ وَبَقَاءُ بَعْضِهِ رَقِيقًا - فَقَبِلْنَا كُلَّ مَا أُمِرْنَا بِهِ، وَلَمْ نُعَارِضْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ، وَمَنْ تَعَاطَى تَعْلِيمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدِّينَ فَهُوَ أَحْمَقُ، وَكِلَا هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ قَدْ صَحَّ فِيهِمَا اخْتِلَافُ مَنْ سَلَفَ وَخَلَفَ، وَكِلَاهُمَا نَقْلُ الْآحَادِ الثِّقَاتِ، فَلَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ بَعْضٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة الْكِتَابَة عَلَى شَرْط خدمة فَقَطْ]
١٦٩٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَحِلُّ الْكِتَابَةُ عَلَى شَرْطِ خِدْمَةٍ فَقَطْ، وَلَا عَلَى عَمَلٍ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا عَلَى شَرْطٍ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ أَصْلًا، وَالْكِتَابَةُ بِكُلِّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» .
[مَسْأَلَة الْكِتَابَة إلَى غَيْر أَجَل مُسَمَّى]
١٦٩٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ كُوتِبَ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ مُسَمًّى فَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ مَا عَاشَ السَّيِّدُ وَمَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ السَّيِّدِ فَمَتَى أَدَّى مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ عَتَقَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ كِتَابَتِهِ وَعَقْدِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ، وَمَنْ كُوتِبَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى نَجْمٍ وَاحِدٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا، فَحَلَّ وَقْتُ النَّجْمِ وَلَمْ يُؤَدِّ، فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فِي الْمُكَاتَبِ يُؤَدِّي صَدْرًا مِنْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ يَعْجِزُ؟ قَالَ: يُرَدُّ عَبْدًا، سَيِّدُهُ أَحَقُّ بِشَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَ ذَلِكَ. يَعْنِي أَنَّهُ رَدَّ مُكَاتَبًا لَهُ فِي الرِّقِّ، إذْ عَجَزَ بَعْدَ أَنْ أَدَّى نِصْفَ كِتَابَتِهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَأَدْخَلَ نَجْمًا فِي نَجْمٍ رُدَّ فِي الرِّقِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute