تَبْطُلْ لِذَلِكَ صَلَاتُهُ، وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ فِي ذَلِكَ، إذَا عَرَفَ مَا صَلَّى وَلَمْ يَسْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ؟
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تُخْرِجْهُ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ» وَهَذَا نَفْسُ قَوْلِنَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّكُمْ تُبْطِلُونَ الصَّلَاةَ بِأَنْ يَنْوِيَ فِيهَا عَمْدًا الْخُرُوجَ عَنْ الصَّلَاةِ جُمْلَةً، أَوْ الْخُرُوجَ عَنْ إمَامَةِ الْإِمَامِ بِلَا سَبَبٍ يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَوْ الْخُرُوجَ عَنْ فَرْضٍ إلَى تَطَوُّعٍ، أَوْ مِنْ تَطَوُّعٍ إلَى فَرْضٍ، أَوْ مِنْ صَلَاةٍ إلَى صَلَاةٍ أُخْرَى، إذَا عَمَدَ كُلَّ ذَلِكَ ذَاكِرًا وَيُوجِبُونَ فِي سَهْوِهِ بِكُلِّ ذَلِكَ سُجُودَ السَّهْوِ، وَحُكْمُ السَّهْوِ فِي إلْغَاءِ مَا عَمِلَ فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ وَاجِبَاتِ صَلَاتِهِ؟ .
قُلْنَا: نَعَمْ، لِأَنَّ هَذَا قَدْ أَخْرَجَ مَا حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ بِعَمَلٍ فَعَمِلَ شَيْئًا مَا، فِي صَلَاتِهِ عَمْدًا بِخِلَافِ مَا أُمِرَ بِهِ، فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ سَهَا بِذَلِكَ الْعَمَلِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ - عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ثنا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا نُودِيَ بِالْأَذَانِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الْأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الْأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ يَخْطِرُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اُذْكُرْ كَذَا وَكَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الْمَرْءُ إنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟ فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى؟ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ؟» .
فَلَمْ يُبْطِلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الصَّلَاةَ بِتَذْكِيرِ الشَّيْطَانِ لَهُ مَا يَشْغَلُهُ بِهِ عَنْ صَلَاتِهِ، وَلَا جَعَلَ فِي ذَلِكَ سُجُودَ سَهْوٍ، وَجَعَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سُجُودَ السَّهْوِ فِي جَهْلِهِ كَمْ صَلَّى فَقَطْ؟ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إنِّي لِأَحْسِب جِزْيَةَ الْبَحْرَيْنِ فِي الصَّلَاةِ
[مَسْأَلَةٌ ذَكَرَ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ نَسِيَ صَلَاةَ فَرْضٍ]
٤٧٨ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ ذَكَرَ فِي نَفْسِ صَلَاتِهِ - أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ: أَنَّهُ نَسِيَ صَلَاةَ فَرْضٍ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ كَانَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ الْوِتْرَ -: تَمَادَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute