للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَادِهَا، فَإِبْعَادُ مَا يُفْسِدُهَا فَرْضٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِالْبَيْعِ الْمُبَاحِ، وَهَا هُنَا آثَارٌ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَدْ خَالَفُوهَا.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ: بِرَدِّ الْبَعِيرِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالْحِمَارِ، وَالضَّوَارِي، إلَى أَهْلِهِنَّ ثَلَاثًا إذَا حُظِرَ الْحَائِطُ ثُمَّ يُعْقَرْنَ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَسَمِعْت عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْحَائِطِ أَنْ يُحْظَرَ وَيُسَدَّ الْحَظْرُ مِنْ الضَّارِي الْمُدِلِّ ثُمَّ يُرَدُّ إلَى أَهْلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يُعْقَرُ.

وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ نا أَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُكَاتَبٌ لِبَنِي أَسَدٍ أَنَّهُ أَتَى بِنَقَدٍ مِنْ السَّوَادِ إلَى الْكُوفَةِ فَلَمَّا انْتَهَى إلَى جِسْرِ الْكُوفَةِ جَاءَ مَوْلًى لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فَتَخَلَّلَ النَّقَدَ عَلَى الْجِسْرِ فَنَفَرَتْ مِنْهَا نَقْدَةٌ فَقَطَرَتْ الرَّجُلَ فِي الْفُرَاتِ فَغَرِقَ فَأَخَذْت فَجَاءَ مَوَالِيهِ إلَى مَوَالِيَّ فَعَرَضَ مَوَالِيَّ عَلَيْهِمْ صُلْحًا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَلَا يَرْفَعُونَ إلَى عَلِيٍّ فَأَبَوْا فَأَتَيْنَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُمْ: إنْ عَرَفْتُمْ النَّقْدَةَ بِعَيْنِهَا فَخُذُوهَا، وَإِنْ اخْتَلَطَتْ عَلَيْكُمْ فَشَرْوَاهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّ فِي الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، الْعَجَبَ إذْ يَحْتَجُّونَ فِي إبْطَالِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ فِي أَنَّ الْبَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا بِرِوَايَةِ شَيْخٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: الْبَيْعُ عَنْ صَفْقَةٍ أَوْ خِيَارٍ - ثُمَّ يَرُدُّونَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهَذِهِ الْأُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ فَهَلَّا قَالُوا: مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ؟ وَلَكِنْ هَذَا حُكْمُ الْقَوْمِ فِي دِينِهِمْ - فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ أَهْلُ السُّنَنِ عَلَى عَظِيمِ نِعْمَتِهِ عِنْدَهُمْ.

[مَسْأَلَةٌ كَسَرَ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ]

١٢٦٧ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ كَسَرَ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ إنَاءَ ذَهَبٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَحْسَنَ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " الْوُضُوءِ " " وَالْأَطْعِمَةِ " " وَالْأَشْرِبَةِ " وَكَذَلِكَ مَنْ كَسَرَ صَلِيبًا أَوْ أَهْرَقَ خَمْرًا لِمُسْلِمٍ؛ أَوْ لِذِمِّيٍّ.

وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ: إنْ أَهْرَقَ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ مُسْلِمٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَإِنْ أَهْرَقَهَا ذِمِّيٌّ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ، وَلَا قِيمَةَ لِلْخَمْرِ، وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَهَا وَأَمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>