للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ عُمَرَ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ» ؟ فَهَذَانِ أَثَرَانِ ضَعِيفَانِ - فِي أَحَدِهِمَا: ابْنُ أَبِي لَيْلَى - وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ - وَفِي الْآخَرِ: الْحَجَّاجُ، وَنَاهِيكَ بِهِ؛ وَهُوَ أَيْضًا صَحِيفَةٌ.

فَإِنْ قَالُوا: فَهَلْ عِنْدَكُمْ اعْتِرَاضٌ؟ فِيمَا رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» ؟ قُلْنَا: لَا مُعْتَرَضَ فِيهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ؛ أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ مَا تَذْكُرُونَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْعُمْرَةِ؛ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ، وَلِمَا اخْتَارَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا.

ثُمَّ نَقُولُ لِمَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا: إنَّ هَذَا خَبَرٌ لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إنَّمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» إلَى الْمَبِيتِ بِذِي طُوًى وَصَلَاةِ الصُّبْحِ بِهَا فَقَطْ؛ وَهَكَذَا نَقُولُ.

أَوْ يَكُونُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَطْعِ التَّلْبِيَةِ كَمَا تَقُولُونَ؛ فَإِنْ كَانَ هَذَا فَخَبَرُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأُسَامَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَزِمَ التَّلْبِيَةَ وَلَمْ يَقْطَعْهَا حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» زَائِدٌ عَلَى مَا فِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عِلْمًا كَانَ عِنْدَهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[الطِّيب بِمِنًى قَبْلَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ]

وَأَمَّا اخْتِيَارُنَا الطِّيبَ بِمِنًى قَبْلَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ؛ فَلِمَا قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ فِي اخْتِيَارِ التَّطَيُّبِ لِلْإِحْرَامِ مِنْ النَّصِّ - وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَغَيْرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ، وَبِدُخُولِ وَقْتِهَا يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوْ الْقِرَانِ كُلُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَرَامًا مِنْ اللِّبَاسِ، وَالطِّيبِ، وَالتَّصَيُّدِ فِي الْحِلِّ، وَعَقْدِ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>