وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا لَيْسَ كِتَابِيًّا لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَفَرْضٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى الْإِسْلَامِ إذْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ، أَوْ الْقَتْلُ فَدُخُولُهُ فِي دِينٍ كِتَابِيٍّ غَيْرِ مَقْبُولٍ مِنْهُ وَلَا هُوَ مِنْ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَكْلِ ذَبَائِحِهِمْ، وَالْمُرْتَدُّ مِنَّا إلَيْهِمْ كَذَلِكَ، وَالْخَارِجُ مِنْ دِينٍ كِتَابِيٍّ إلَى دِينٍ كِتَابِيٍّ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ إنَّمَا تَذَمَّمَ وَحَرُمَ قَتْلُهُ بِالدِّينِ الَّذِي كَانَ آبَاؤُهُ عَلَيْهِ، فَخُرُوجُهُ إلَى غَيْرِهِ نَقْضٌ لِلذِّمَّةِ لَا يَقَرُّ عَلَى ذَلِكَ - وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مسأ لَةٌ ذَبَحَ وَهُوَ سَكْرَانُ أَوْ فِي جُنُونِهِ]
١٠٦١ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ ذَبَحَ وَهُوَ سَكْرَانُ أَوْ فِي جُنُونِهِ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُخَاطَبَيْنِ فِي حَالِ ذَهَابِ عُقُولِهِمَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] فَإِنْ ذَكَّيَا بَعْدَ الصَّحْوِ وَالْإِفَاقَةِ حَلَّ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُمَا مُخَاطَبَانِ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ ذَبِيحَة الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ]
١٠٦٢ - مَسْأَلَةٌ: وَمَا ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] . وَقَدْ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الصَّبِيَّ مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْقَلَمُ حَتَّى يَبْلُغَ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ؟ لَا يَقُولُ فِيهِمَا شَيْئًا. وَبِالْمَنْعِ مِنْهُمَا يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا. وَأَبَاحَهَا: النَّخَعِيُّ: وَالشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ وَافَقُونَا أَنَّ إنْكَاحَهُ لِوَلِيَّتِهِ، وَنِكَاحَهُ، وَبَيْعَهُ، وَابْتِيَاعَهُ، وَتَوْكِيلَهُ: لَا يَجُوزُ، وَأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ صَلَاةٌ، وَلَا صَوْمٌ، وَلَا حَجٌّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِذَلِكَ وَلَا يُجْزِي حَجُّهُ عَنْ غَيْرِهِ فَمِنْ أَيْنَ أَجَازُوا ذَبِيحَتَهُ؟
[مَسْأَلَةٌ حَيَوَانٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ]
١٠٦٣ - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ حَيَوَانٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ، فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ مِثْلَ حِصَّتِهِ مُشَاعًا فِي حَيَوَانٍ مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا فَقِيمَتُهُ، إلَّا أَنْ يَرَى بِهِ مَوْتًا أَوْ تَعْظُمُ مُؤْنَتُهُ فَيَضِيعُ، فَلَهُ تَذْكِيَتُهُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ حَلَالٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى أَكْلَ أَمْوَالِنَا بِالْبَاطِلِ. وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي ذَبْحِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute