للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسُّنَّةِ، فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ نا أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ نا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْأَنْطَاكِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ نا نَضْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ نا شَبَابَةُ عَنْ وَرْقَاءَ نا أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ، الرَّهْنُ لِمَنْ رُهِنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» .

فَهَذَا مُسْنَدٌ مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَادَّعَوْا أَنَّ أَبَا عُمَرَ الْمُطَرِّزَ غُلَامَ ثَعْلَبٍ، قَالَ: أَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْغُرْمَ الْهَلَاكُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ صَحَّ فِي ذَمِّ قَوْمٍ فِي الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى: {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا} [التوبة: ٩٨] .

أَيْ يَرَاهُ هَالِكًا بِلَا مَنْفَعَةٍ، فَالْقُرْآنُ أَوْلَى مِنْ رَأْيِ الْمُطَرِّزِ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَوَجَدْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .

فَلَمْ يُحِلَّ لِغَرِيمِ الْمُرْتَهِنِ شَيْئًا، وَلَا أَنْ يَضْمَنَ الرَّهْنَ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي تَضْمِينِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِيهِ، أَوْ بِأَنْ يُضَيِّعَهُ فَيَضْمَنَهُ حِينَئِذٍ بِاعْتِدَائِهِ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ.

وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ قَدْ وَجَبَ فَلَا يُسْقِطُهُ ذَهَابُ الرَّهْنِ، فَصَحَّ يَقِينًا مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ بِالْقُرْآنِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَالسُّنَّةِ: أَنَّ هَلَاكَ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَنَّ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ بَاقٍ بِحَسْبِهِ لَازِمٌ لِلرَّاهِنِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَا تَوَلَّدَ مِنْ الرَّهْنِ]

وَأَمَّا مَا تَوَلَّدَ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَضَى فِيمَنْ ارْتَهَنَ أَرْضًا فَأَثْمَرَتْ، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ مِنْ الرَّهْنِ.

وَمِنْ طَرِيقِ طَاوُوسٍ: أَنَّ فِي كِتَابِ مُعَاذٍ " مَنْ ارْتَهَنَ أَرْضًا فَهُوَ يَحْتَسِبُ ثَمَرَهَا لِصَاحِبِ الرَّهْنِ ".

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْحُكْمَانِ مُتَضَادَّانِ، وَهُمَا قَوْلَانِ -: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الثَّمَرَةَ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ - وَالْآخَرُ: أَنَّهَا مِنْ الرَّهْنِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْوَلَدُ، وَالْغَلَّةُ، وَالثَّمَرَةُ، رَهْنٌ مَعَ الْأُصُولِ.

ثُمَّ تَنَاقَضُوا، فَقَالُوا: إنْ هَلَكَ الْوَلَدُ، وَالْغَلَّةُ، وَالثَّمَرَةُ: لَمْ يَسْقُطْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>