للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» يُغْنِي عَنْ حُضُورِ الْمَوَالِي هُنَالِكَ، وَالْحَلِيفُ أَيْضًا - يُسَمَّى فِي لُغَةِ الْعَرَبِ " مَوْلًى " كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْأَنْصَارِ أَوَّلَ مَا لَقِيَهُمْ «أَمِنَ مَوَالِي يَهُودَ» يُرِيدُ مِنْ حُلَفَائِهِمْ؟ قُلْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: قَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا ذَكَرْتُمْ.

وَقَالَ أَيْضًا «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» ، وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ فِي " كِتَابِ الْعَاقِلَةِ " وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ أَخْوَالِهِ؟ فَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ: حَقٌّ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ امْرَأَةٍ هِيَ مِنْهُمْ بِحَقِّ الْوِلَادَةِ، وَالْحَلِيفُ وَالْمَوْلَى أَيْضًا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَتِهِمْ - وَلَيْسَ فِي هَذَا الْقَوْلِ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا يُوجِبُ أَنْ يُحْكَمَ لِلْمَوْلَى وَالْحَلِيفِ بِكُلِّ حُكْمٍ وَجَبَ لِلْقَوْمِ.

وَقَدْ صَحَّ إجْمَاعُ أَهْلِ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا يَسْتَحِقُّهَا مَوْلَى قُرَيْشٍ، وَلَا حَلِيفُهُمْ، وَلَا ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ -.

وَالْقَسَامَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ سَوَاءٌ - فِيمَا ذَكَرْنَا - فِيمَنْ يَحْلِفُ فِيهَا، وَلَا فَرْقَ.

[مَسْأَلَة كَمْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ.]

٢١٥٦ - مَسْأَلَةٌ: كَمْ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ؟ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَحْلِفُ إلَّا خَمْسُونَ، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ: بَطَلَ حُكْمُ الْقَسَامَةِ، وَعَادَ الْأَمْرُ إلَى التَّدَاعِي.

وَقَالَ آخَرُونَ: إنْ نَقَصَ وَاحِدٌ فَصَاعِدًا: رُدِّدَتْ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَبْلُغُوا اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ اثْنَيْنِ فَقَطْ بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ فِي الْعَمْدِ - وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيَحْلِفُ فِيهِ وَاحِدٌ خَمْسِينَ - وَهُوَ قَوْلٌ رُوِيَ عَنْ عُلَمَاءِ أَهْل الْمَدِينَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ.

وَقَالَ آخَرُونَ: يَحْلِفُ خَمْسُونَ، فَإِنْ نَقَصَ مِنْ عَدَدِهِمْ وَاحِدٌ فَصَاعِدًا: رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى وَاحِدٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ إلَّا وَلِيٌّ وَاحِدٌ: بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ، وَعَادَ الْحُكْمُ إلَى التَّدَاعِي - وَهَذَا قَوْلُ مَالك.

وَقَالَ آخَرُونَ: تُرَدَّدُ الْأَيْمَانُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَحْدَهُ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>