للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة شَهَادَة وَلَد الزِّنَا]

مَسْأَلَةٌ: وَشَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَى جَائِزَةٌ فِي الزِّنَى وَغَيْرِهِ، وَيَلِي الْقَضَاءَ، وَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَيُقْبَلَ، فَيَكُونَ كَسَائِرِ الْعُدُولِ، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَا يُقْبَلَ فِي شَيْءٍ أَصْلًا.

وَلَا نَصَّ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالزُّهْرِيِّ - وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَرُوِيَ عَنْ نَافِعٍ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ: يُقْبَلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الزِّنَى - وَهَذَا فَرْقٌ لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا - قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَإِذَا كَانُوا إخْوَانَنَا فِي الدِّينِ فَلَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ جَاءَ " وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ ".

فَقُلْنَا: هَذَا عَلَيْكُمْ لِأَنَّكُمْ تَقْبَلُونَهُ فِيمَا عَدَا الزِّنَى، وَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ عِنْدَنَا: أَنَّهُ فِي إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ لِلْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِيمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهُ، وَمَنْ لَا يَعْدِلُهُ جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ، مِنْ حِينِ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة شَهَادَة مِنْ حُدَّ فِي زنا أَوْ قَذف أَوْ خَمْر أَوْ سَرِقَة ثُمَّ تاب]

١٨٠٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ حُدَّ فِي زِنًى، أَوْ قَذْفٍ، أَوْ خَمْرٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، ثُمَّ تَابَ وَصَلَحَتْ حَالُهُ، فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي مِثْلِ مَا حُدَّ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو هَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، فَلَا يَجُوزُ رَدُّ شَهَادَتِهِ لِغَيْرِهِ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا حَيْثُ جَاءَ النَّصُّ وَلَا نَعْلَمُهُ إلَّا فِي الْبَدَوِيِّ عَلَى صَاحِبِ الْقَرْيَةِ فَقَطْ، أَوْ لَا يَكُونُ عَدْلًا فَلَا يُقْبَلُ فِي شَيْءٍ، وَمَا عَدَا هَذَا فَبَاطِلٌ وَتَحَكُّمٌ بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ بِلَا قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا مَعْقُولٍ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ خَاصَّةً: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا - وَإِنْ تَابَ - فِي شَيْءٍ أَصْلًا.

وَقَالَ آخَرُونَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ حُدَّ فِي خَمْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَصْلًا.

فَهَذَا الْقَوْلُ قَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ الْمَكْذُوبَةِ " الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>