للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَسَائِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَقْوَالٍ لَمْ تُحْفَظْ قَطُّ عَنْ صَاحِبٍ - وَهَذَا قَبِيحٌ جِدًّا.

فَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ طَرَدُوا الْقِيَاسَ هَاهُنَا، إذْ جَعَلُوا فِي كُلِّ اثْنَيْنِ فِي الْإِنْسَانِ الدِّيَةَ، قِيَاسًا عَلَى الْيَدَيْنِ، وَالْحَاجِبَانِ اثْنَانِ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ أَصْحَابَهُمَا لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِمْ فِي ادِّعَاءِ الْإِجْمَاعِ مِنْ الْأُمَّةِ، فِيمَا لَا يَعْرِفُونَ فِيهِ خِلَافًا، نَعَمْ، حَتَّى إنَّهُمْ لَيَدَّعُونَهُ فِيمَا فِيهِ الْخِلَافُ مَشْهُورٌ، كَفِعْلِهِمْ فِي الْمُوضِحَةِ عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ قَبْلَ مَالِكٍ بِقَوْلِهِ: فِي الْحَاجِبَيْنِ حُكُومَةٌ هَذَا وَلَمْ يُتَّبَعْ فِيهِ نَصُّ قُرْآنٍ، وَلَا سَنَةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا سَقِيمَةٌ، وَلَا قِيَاسٌ، فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ لَا يُنْكِرُوا عَلَى مَنْ قَالَ بِقَوْلٍ اتَّبَعَ فِيهِ الْقُرْآنَ، وَسُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ لِمَالِكٍ، وَلَا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا لِلشَّافِعِيِّ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى غَيْرِهِمْ.

قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذْ لَا نَصَّ فِي الْحَاجِبَيْنِ يَصِحُّ، وَلَا إجْمَاعَ فِيمَا يُتَيَقَّنُ؛ فَالْوَاجِبُ أَنْ لَا يَجِبَ فِيهِمَا فِي الْعَمْدِ إلَّا الْقَوَدُ أَوْ الْمُفَادَاةُ.

وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَلَا شَيْءَ، لِأَنَّ الْأَمْوَالَ مُحَرَّمَةٌ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَالْحُكُومَةُ غَرَامَةٌ فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُهَا أَحَدًا بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، كَمَا أَوْرَدْنَا.

[مَسْأَلَةٌ أَحْكَامُ دِيَةُ الْأَنْف]

٢٠٣٧ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ عَلِيٌّ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ نا وَكِيعٌ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ.

وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ نا إسْرَائِيلُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ فِي الْعِرْنِينِ الدِّيَةُ وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ نا سَلَامٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: فِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ.

وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْإِنْسَانِ خَمْسُ دِيَاتٍ: الْأَنْفُ، وَاللِّسَانُ، وَالذَّكَرُ، وَالصُّلْبُ، وَالْفُؤَادُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>