رِبًا، وَيَبِيعَ مِنْهُ دِينَارَيْنِ بِدِينَارٍ فَلَا يَكُونُ رِبًا، لَيْتَ شِعْرِي فِي أَيِّ دِينٍ وَجَدْتُمْ هَذَا؟ أَمْ فِي أَيِّ عَقْلٍ؟ فَمَا أَتَى بِفَرْقٍ، وَلَا يَأْتُونَ بِهِ أَبَدًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُمَا أَرَادَا الرِّبَا كَمَا ذَكَرْنَا فَتَحَيَّلَا بِهَذَا الْعَمَلِ؟ فَجَوَابُهُمْ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا أَرَادَا الرِّبَا كَمَا ذَكَرْتُمْ فَتَحَيَّلَا بِهَذَا الْعَمَلِ، فَبَارَكَ اللَّهُ فِيهِمَا، فَقَدْ أَحْسَنَا مَا شَاءَا إذْ هَرَبَا مِنْ الرِّبَا الْحَرَامِ إلَى الْبَيْعِ الْحَلَالِ، وَفَرَّا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - إلَى مَا أَحَلَّ، وَلَقَدْ أَسَاءَ مَا شَاءَ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا عَلَيْهِمَا، وَأَثِمَ مَرَّتَيْنِ لِإِنْكَارِهِ إحْسَانَهُمَا، ثُمَّ لِظَنِّهِ بِهِمَا مَا لَعَلَّهُمَا لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِمَا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الظَّنُّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» . وَأَمَّا أَقْوَالُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا يَسِيرًا مِنْ تَقْسِيمِهِمَا، وَكُلُّ مَنْ تَأَمَّلَهُ يَرَى أَنَّهَا تَقَاسِيمُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، وَالتَّنَاقُضِ، كَتَفْرِيقِ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ ابْتِيَاعِهِ بِسِلْعَةٍ وَبَيْنَ ابْتِيَاعِهِ بِدَنَانِيرَ، وَفِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ إنَّمَا بَاعَ بِدَرَاهِمَ - وَكَتَحْرِيمِهِ ذَلِكَ عَلَى وَكِيلِهِ وَشَرِيكِهِ.
وَكَتَفْرِيقِ مَالِكٍ بَيْنَ ابْتِيَاعِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا كَانَ بَاعَهَا بِهِ فَيَرَاهُ حَلَالًا، وَبَيْنَ ابْتِيَاعِهِ بِأَقَلَّ فَيَرَاهُ حَرَامًا، وَهَذِهِ عَجَائِبُ بِلَا دَلِيلٍ كَمَا تَرَى؟ ثُمَّ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْهَمَ أَنَّهُ أَخَذَ بِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى ذَلِكَ فِيمَنْ بَاعَ بِثَمَنٍ حَالٍّ مَا لَمْ يَنْتَقِدْ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ هَذَا فِي خَبَرِ عَائِشَةَ أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة بَيْع دُور مَكَّة]
١٥٦٠ - مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ دُورِ مَكَّةَ - أَعَزَّهَا اللَّهُ تَعَالَى - وَابْتِيَاعُهَا حَلَالٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ الْحَجِّ " فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
١٥٦١ - مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ الْأَعْمَى، أَوْ ابْتِيَاعُهُ بِالصِّفَةِ جَائِزٌ كَالصَّحِيحِ، وَلَا فَرْقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ شَيْءٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْأَعْمَى، وَالْبَصِيرُ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute