للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ نَذَرَ صَوْمَ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَصَوْمَ رَمَضَانَ عَنْ نَذْرِهِ؛ فَقَدْ نَذَرَ الضَّلَالَ وَالْبَاطِلَ، وَأَمْرًا مُخَالِفًا لِدِينِ الْإِسْلَامِ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ نَذْرُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ صَوْمُ سَائِرِ الْأَيَّامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا نَذَرَ، وَكُلُّ طَاعَةٍ مَازَجَتْهَا مَعْصِيَةٌ فَهِيَ كُلُّهَا مَعْصِيَةٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالطَّاعَةِ كَمَا أُمِرَ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] . فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً حَاشَا رَمَضَانَ وَالْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ صِيَامِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ نَذْرُ طَاعَةٍ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَوَّالٍ، أَوْ صَوْمَ ذِي الْحِجَّةِ، أَوْ صَوْمَ شَعْبَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ اسْتِثْنَاءَ مَا لَا يَجُوزُ صَوْمُهُ مِنْ الْأَيَّامِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ نَذْرًا فَجَاءَ رَمَضَانُ]

٧٨٩ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ نَذْرًا فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ لَزِمَهُ فَرْضًا أَنْ يَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِرَمَضَانَ لَا لِلنَّذْرِ أَصْلًا؛ فَإِنْ صَامَهُ لِنَذْرِهِ أَوْ لِرَمَضَانَ وَلِنَذْرِهِ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْزِئُهُ لَا لِنَذْرِهِ وَلَا لِرَمَضَانَ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَقَدِّمٌ لِنَذْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ رَمَضَانَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ لِغَيْرِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِصِيَامِهِ مُخْلِصًا لَهُ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؛ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

[مَسْأَلَةٌ أَفْضَلُ الصَّوْمِ بَعْدَ الصِّيَامِ الْمَفْرُوضِ]

٧٩٠ - مَسْأَلَةٌ: وَأَفْضَلُ الصَّوْمِ بَعْدَ الصِّيَامِ الْمَفْرُوضِ صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ.

وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ مِمَّنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا الْحُجَّةُ، وَلَا يَحِلُّ صَوْمُ الدَّهْرِ أَصْلًا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ نَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ نَا الْفَرَبْرِيُّ نَا الْبُخَارِيُّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا الْأَوْزَاعِيُّ نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ؛ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَإِذَا ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَجِدُ قُوَّةً؟ قَالَ فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُد

<<  <  ج: ص:  >  >>