وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ، قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُد؟ قَالَ: نِصْفُ الدَّهْرِ» . وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا؟ قُلْتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَصَحَّ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَى صِيَامِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مُوَاقَعَةِ نَهْيِهِ، وَإِذْ أَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ مَنْ صَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ انْحَطَّ فَضْلُهُ فَإِذَا انْحَطَّ فَضْلُهُ فَقَدْ حَبِطَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بِلَا شَكٍّ وَصَارَ عَمَلًا لَا أَجْرَ لَهُ فِيهِ بَلْ هُوَ نَاقِصٌ مِنْ أَجْرِهِ؛ فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَصْلًا. قَالَ عَلِيٌّ: وَمِنْ طَرَائِفِ الْمَصَائِبِ قَوْلُ بَعْضِ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْعِلْمِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ لَا لَهُ: قَالَ: قَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ وَفِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُد كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلَا يَفِرُّ إذَا لَاقَى» فَقَالَ: إنَّمَا هَذَا الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يَفِرُّ إذَا لَاقَى. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَجَمَعَ هَذَا الْكَلَامُ الْمَلْعُونُ وَجْهَيْنِ مِنْ الضَّلَالِ -: أَحَدُهُمَا: الْكَذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ بَلْ قَدْ أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَقَطَعَ بِأَنَّهُ لَا صَوْمَ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِ دَاوُد.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَأْوِيلٌ سَخِيفٌ لَا يُعْقَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ لَا يَفِرُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذَا لَاقَى أَفْضَلُ مِمَّنْ يَفِرُّ؛ فَإِذَا كَانَ حُكْمُ الْأَفْضَلِ أَنْ لَا يَتَزَيَّدَ مِنْ الْفَضْلِ فِي الصِّيَامِ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَهَذِهِ شَرِيعَةُ إبْلِيسٍ لَا شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ نَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ نَا أَبِي نَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ سَمِعَ أَبَا الْعَبَّاسِ هُوَ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ الْمَكِّيُّ - سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute