للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا آدَم نَا شُعْبَةُ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ، وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ» . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي قَتَادَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ -: وَقَدْ ذُكِرَ لَهُ مَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ - فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أَوْ مَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» . وَكَذَلِكَ نَصًّا مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ، وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ كِلَاهُمَا «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ صَامَ الدَّهْرَ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ حَبِطَ صَوْمُهُ وَلَمْ يُفْطِرْ. وَهَذِهِ أَخْبَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ لَا يَحِلُّ الْخُرُوجُ عَنْهَا. وَمِنْ عَجَائِبِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا صَامَ الدَّهْرَ وَلَمْ يُفْطِرْ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا؟ فَقُلْنَا: كَذَبَ مَنْ قَالَ هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنَعَ وَنَهَى عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَى نِصْفِ الدَّهْرِ وَأَبْطَلَ أَجْرَ مَنْ زَادَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَشَغَبَ مَنْ خَالَفَنَا بِأَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ «حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: إنْ شِئْت فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» .

وَبِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ: أَخْبَرَنِي ثَابِتٌ عَنْ قَيْسٍ الْغِفَارِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَيُقَالُ: لَا يُفْطِرُ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ، لِأَنَّ السَّرْدَ إنَّمَا هُوَ الْمُتَابَعَةُ لَا صَوْمُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الدَّهْرِ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>