[كِتَابُ الْمُدَايِنَاتِ وَالتَّفْلِيسِ] [مَسْأَلَةٌ مَنْ ثَبَتَ لِلنَّاسِ عَلَيْهِ حُقُوقٌ]
ِ ١٢٧٦ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ ثَبَتَ لِلنَّاسِ عَلَيْهِ حُقُوقٌ مِنْ مَالٍ أَوْ مِمَّا يُوجِبُ غُرْمَ مَالٍ بِبَيِّنَةِ عَدْلٍ، أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْهُ صَحِيحٍ: بِيعَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُوجَدُ لَهُ، وَأُنْصِفَ الْغُرَمَاءَ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُسْجَنَ أَصْلًا، إلَّا أَنْ يُوجَدَ لَهُ مِنْ نَوْعٍ مَا عَلَيْهِ فَيُنْصَفُ النَّاسُ مِنْهُ بِغَيْرِ بَيْعٍ، كَمَنْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ وَوُجِدَتْ لَهُ دَرَاهِمُ، أَوْ عَلَيْهِ طَعَامٌ وَوُجِدَ لَهُ طَعَامٌ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: ١٣٥] .
«وَلِتَصْوِيبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَ سَلْمَانَ: أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» ؛ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» .
فَسِجْنُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إنْصَافِ غُرَمَائِهِ ظُلْمٌ لَهُ وَلَهُمْ مَعًا، وَحُكْمٌ بِمَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِجْنٌ قَطُّ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَامٍ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: حَبْسُ الرَّجُلِ فِي السِّجْنِ بَعْدَ مَا يَعْرِفُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ ظُلْمٌ.
وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ: لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ، لَكِنْ يُسْجَنُ - وَإِنْ كَانَ مَالُهُ حَاضِرًا - حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ.
ثُمَّ تَنَاقَضُوا فَقَالُوا: إلَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ فَتُوجَدُ لَهُ دَنَانِيرُ، أَوْ يَكُونَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ فَتُوجَدُ لَهُ دَرَاهِمُ، فَإِنَّ الَّذِي يُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ يُبَاعُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute