للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا جَزَاءَ فِيهِ - وَهُوَ خَطَأٌ لِمَا ذَكَرْنَا؛ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ اُمْتُحِنَ بِتَقْلِيدِهِمَا بِخَبَرَيْنِ -: فِي أَحَدِهِمَا: أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ كَانَ يَتَصَيَّدُ بِالْعَقِيقِ - وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا [أَنْ يَكُونَ] قَبْلَ تَحْرِيمِ الْحَرَمِ بِالْمَدِينَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ صَيْدِهَا. وَالثَّانِي: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ وَحْشٌ فَكَانَ يَلْعَبُ فَإِذَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَعَ» وَهُوَ خَبَرٌ لَا يَصِحُّ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّ الصَّيْدَ إذَا صِيدَ فِي الْحِلِّ، ثُمَّ أُدْخِلَ فِي الْحَرَمِ حَلَّ مِلْكُهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةٌ تَعَمَّدَ قَتْلَ صَيْدٍ فِي الْحِلِّ وَهُوَ فِي الْحَرَمِ]

٨٨٥ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَنْ تَعَمَّدَ قَتْلَ صَيْدٍ فِي الْحِلِّ وَهُوَ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِأَنَّهُ قَتَلَ الصَّيْدَ وَهُوَ حَرَمٌ، فَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ وَالْقَاتِلُ فِي الْحِلِّ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ؛ أَمَّا سُقُوطُ الْجَزَاءِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ حَرَمًا وَأَمَّا عِصْيَانُهُ وَالْمَنْعُ مِنْ أَكْلِ الصَّيْدِ فَلِأَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَلَمْ يَأْتِ فِيهِ جَزَاءٌ إنَّمَا جَاءَ تَحْرِيمُهُ فَقَطْ؛ وَإِنَّمَا جَاءَ الْجَزَاءُ عَلَى الْقَاتِلِ إذَا كَانَ حَرَمًا.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرُ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ فَذَكَرَ كَلَامًا فِيهِ: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ نَا أَبِي نَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ نَا عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَنَّهُ قَالَ: «إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا» .

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ -

<<  <  ج: ص:  >  >>