للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْصَوْا بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ - وَهَذِهِ كُلُّهَا فَضَائِحُ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مِثْلِهَا - وَنَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ.

[مَسْأَلَة الْوَصِيَّة لوارث]

١٧٥٤ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَحِلُّ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ أَصْلًا، فَإِنْ أَوْصَى لِغَيْرِ وَارِثٍ فَصَارَ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ، فَإِنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ ثُمَّ صَارَ غَيْرَ وَارِثٍ لَمْ تَجُزْ لَهُ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهَا إذْ عَقَدَهَا كَانَتْ بَاطِلًا، وَسَوَاءٌ جَوَّزَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُجَوِّزُوا؛ لِأَنَّ الْكَوَافَّ نَقَلَتْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» .

فَإِذْ قَدْ مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُجِيزُوا مَا أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يَبْتَدِئُوا هِبَةً لِذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، فَهُوَ مَالُهُمْ - وَهَذَا قَوْلُ الْمُزَنِيّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَمْعَانَ، وَعَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ حُمَيْدٍ الْيَحْصُبِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَعَمْرِو بْنِ قَيْسٍ سَنْدَلٍ، قَالَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ: عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ عَطَاءٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ: أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَامَ الْفَتْحِ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ» - زَادَ عَطَاءٌ فِي حَدِيثِهِ: «وَإِنْ أَجَازُوا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا» ؟ قُلْنَا: هَذَا مُرْسَلٌ، ثُمَّ هُوَ مِنْ الْمُرْسَلِ فَضِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ ابْنُ وَهْبٍ كُلُّهُمْ مُطَّرَحٌ، وَإِنَّ فِي اجْتِمَاعِهِمْ لَأُعْجُوبَةً.

وَعَهْدُنَا بِالْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ يَقُولُونَ: إنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ، وَالْمُسْنَدَ كَالْمُرْسَلِ، وَلَا يُبَالُونَ بِضَعِيفٍ، فَهَلَّا أَخَذُوا بِهَذَا الْمُرْسَلِ؟ وَلَكِنَّ هَذَا مِمَّا تَنَاقَضُوا فِيهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا بَعْدَ مَوْتِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا رُجُوعَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا فِي كَفَالَتِهِ، فَلَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا.

[مَسْأَلَة الْوَصِيَّة بِأَكْثَر مِنْ الثُّلُث]

١٧٥٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ - كَانَ لَهُ وَارِثٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، أَجَازَ الْوَرَثَةُ، أَوْ لَمْ يُجِيزُوا -: صَحَّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ: «عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>