[مَسْأَلَةٌ أَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضَ]
مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ قَبْضِهِ لِمَا اشْتَرَى وَقَالَ: لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَّا بَعْدَ أَنْ أَقْبِضَ مَا اشْتَرَيْتُ؟ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ مَا بَاعَ حَتَّى يَنْتَصِفَ وَيُنْصِفَ مَعًا، فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ مُصِيبَةِ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا هَلَكَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيهِ؛ لِأَنَّهُ احْتَبَسَ بِحَقٍّ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ مَا حَبَسَ وَفَاءً بِالثَّمَنِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ، لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِاحْتِبَاسِهِ أَكْثَرَ مِمَّا تَعَدَّى عَلَيْهِ فِيهِ الْآخَرُ - هَذَا إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَنْقَسِمَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إلَّا بِفَسَادِهِ، أَوْ حَطِّ ثَمَنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَصْلًا.
فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: لَا أَدْفَعُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَدَعَاهُ الْمُشْتَرِي إلَى أَنْ يَقْبِضَ وَيَدْفَعَ مَعًا فَأَبَى، فَهُوَ هَهُنَا ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِاحْتِبَاسِهِ مَا حَبَسَ، وَقَدْ دُعِيَ إلَى الْإِنْصَافِ فَأَبَى - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ قَالَ حِينَ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ لَا خِلَابَةَ]
١٤٤٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ قَالَ حِينَ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ: لَا خِلَابَةَ؟ فَلَهُ الْخِيَارُ ثَلَاثَ لَيَالٍ بِمَا فِي خِلَالِهِنَّ مِنْ الْأَيَّامِ، إنْ شَاءَ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ بِغَيْرِ عَيْبٍ، أَوْ بِخَدِيعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ خَدِيعَةٍ، وَبِغَبْنٍ أَوْ بِغَيْرِ غَبْنٍ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ -: فَإِذَا انْقَضَتْ اللَّيَالِي الثَّلَاثُ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَلَا رَدَّ لَهُ، إلَّا مِنْ عَيْبٍ إنْ وُجِدَ وَاللَّيَالِي الثَّلَاثُ مُسْتَأْنَفَةٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، فَإِنْ بَايَعَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ - بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَلَوْ مِنْ حِينِ طُلُوعِهَا -: فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الثَّلَاثَ مُبْتَدِئَةً وَلَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ.
وَإِنْ بَايَعَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَهُ الْخِيَارُ مِنْ حِينَئِذٍ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ -:
حَدَّثَنَا حُمَامٌ نا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ نا الْحُمَيْدِيُّ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إنَّ مُنْقِذًا سُفِعَ فِي رَأْسِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَأْمُومَةً فَخَبَلَتْ لِسَانَهُ، فَكَانَ إذَا بَايَعَ خُدِعَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بَايِعْ وَقُلْ: لَا خِلَابَةَ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute