عَلَى أَنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ طَلْحَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِرَجُلٍ كَنَّاسٍ لِلْعَذِرَةِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ مِنْهُ تَزَوَّجَ وَمِنْهُ كَسَبَ وَمِنْهُ حَجَّ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَنْتَ خَبِيثٌ، وَمَا كَسَبْت خَبِيثٌ؛ وَمَا تَزَوَّجْت خَبِيثٌ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْهُ كَمَا دَخَلْت فِيهِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَقَدْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إنِّي كُنْت رَجُلًا كَنَّاسًا أَكْسَحُ هَذِهِ الْحُشُوشَ فَأَصَبْت مَالًا فَتَزَوَّجْت مِنْهُ، وَوُلِدَ لِي فِيهِ، وَحَجَجْت فِيهِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنْتَ وَمَالُك خَبِيثٌ وَوَلَدُك خَبِيثٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ - فَأَيْنَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ عَنْ هَذَا إنْ طَرَدُوا أَقْوَالَهُمْ؟ وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[مَسْأَلَةٌ إعْطَاءُ الْغَزْلِ لِلنَّسْجِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْهُ]
١٣١٩ - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ إعْطَاءُ الْغَزْلِ لِلنَّسْجِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْهُ كَرُبُعٍ، أَوْ ثُلُثٍ؛ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ النَّسَّاجُ مَعًا وَيَكُونَا مَعًا شَرِيكَيْنِ فِيهِ: جَازَ ذَلِكَ - وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَكَانَ لِلنَّسَّاجِ مِنْ الْغَزْلِ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا يَنْسِجُ مِنْ الْأَجْرِ حَتَّى يُتِمَّ نَسْجَهُ وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا سُمِّيَ لَهُ.
وَكَذَلِكَ يَجُوزُ إعْطَاءُ الثَّوْبِ لِلْخَيَّاطِ بِجُزْءٍ مِنْهُ مُشَاعٍ أَوْ مُعَيَّنٍ، وَإِعْطَاءُ الطَّعَامِ لِلطَّحِينِ بِجُزْءٍ مِنْهُ كَذَلِكَ، وَإِعْطَاءُ الزَّيْتُونِ لِلْعَصِيرِ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِئْجَارُ لِجَمِيعِ هَذِهِ الزُّيُوتِ الْمَحْدُودَةِ بِجُزْءٍ مِنْهَا كَذَلِكَ، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ.
وَكَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الرَّاعِي لِحِرَاسَةِ هَذِهِ الْغَنَمِ بِجُزْءٍ مِنْهَا مُسَمًّى كَذَلِكَ أَيْضًا، وَلَا يَجُوزُ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ النَّسْلِ الَّذِي لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، لِأَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ فَهِيَ إجَارَةٌ مَحْدُودَةٌ فِي شَيْءٍ مَوْجُودٍ قَائِمٍ.
وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِمَا لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يُدْرَى أَيَكُونُ أَمْ لَا؟ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ عَنْ دَفْعِ الثَّوْبِ إلَى النَّسَّاجِ بِالثُّلُثِ وَدِرْهَمٍ، أَوْ بِالرُّبُعِ؛ أَوْ بِمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا: وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: أَجَازَ الْحَكَمُ إجَارَةَ الرَّاعِي لِلْغَنَمِ بِثُلُثِهَا أَوْ رُبُعِهَا - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute