فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ يُخَالِفُ السَّرِقَةَ فِي أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ الزَّكَاةَ فِي الْعَسَلِ]
وَأَمَّا الْعَسَلُ: فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَبَا سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابَهُمْ: لَمْ يَرَوْا فِيهِ زَكَاةً. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ النَّحْلُ فِي أَرْضِ الْعُشْرِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَهُوَ عُشْرُ مَا أُصِيبَ مِنْهُ - قَلَّ أَوْ كَثُرَ - وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ - قَلَّ أَوْ كَثُرَ.
وَرَأَى فِي الْمَوَاشِي الزَّكَاةَ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَرْضِ عُشْرٍ أَوْ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذْ بَلَغَ الْعَسَلُ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ فَفِيهِ رَطْلٌ وَاحِدٌ؛ وَهَكَذَا مَا زَادَ فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَالرَّطْلُ هُوَ الْفُلْفُلِيُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إذَا بَلَغَ الْعَسَلُ خَمْسَةَ أَفْرَاقٍ فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَإِلَّا فَلَا - وَالْفَرْقُ: سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رَطْلًا فُلْفُلِيَّةً، وَالْخَمْسَةُ الْأَفْرَاقِ: مِائَةُ رَطْلٍ وَثَمَانُونَ رَطْلًا فُلْفُلِيَّةً؛ قَالَ: وَالسُّكَّرُ كَذَلِكَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا مُنَاقَضَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِيجَابُهُ الزَّكَاةَ فِي الْعَسَلِ وَلَوْ أَنَّهُ قَطْرَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ فَظَاهِرَةٌ لَا خَفَاءَ بِهَا.
وَأَمَّا تَحْدِيدُ صَاحِبِيهِ فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالْخَبْطِ وَالتَّخْلِيطِ. وَهُوَ إلَى الْهَزْلِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْجِدِّ. لَكِنَّ فِي الْعَسَلِ خِلَافٌ قَدِيمٌ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ فِي الْعَسَلِ: إنَّ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَفْرَاقٍ فَرْقًا.
وَمِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّهُ أَخَذَ عُشْرَ الْعَسَلِ مِنْ قَوْمِهِ وَأَتَى بِهِ عُمَرُ؛ فَجَعَلَهُ عُمَرُ فِي صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ: «وَقَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمْتُ وَاسْتَعْمَلَنِي عَلَى قَوْمِي، وَاسْتَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ مِنْ بَعْدِهِ فَقُلْت لِقَوْمِي: فِي الْعَسَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute