وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامٍ أَبِي كُلَيْبٍ، وَعَاصِمِ الْأَحْوَلِ، وَإِسْمَاعِيلَ الْأَسَدِيِّ قَالَ إسْمَاعِيلُ: عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَقَالَ عَاصِمٌ: عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَقَالَ هِشَامٌ: عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالُوا كُلُّهُمْ فِي شَرِيكَيْنِ أَخْرُج أَحَدُهُمَا مِائَةً، وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ: إنَّ الرِّبْحَ عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ، وَالْوَضِيعَةَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ.
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا صَاحِبٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ وَقَدْ خَالَفَهُ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَخَالَفُوا مَعَهُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ التَّابِعِينَ.
[مَسْأَلَةٌ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ]
١٢٤٥ - مَسْأَلَةٌ:
فَإِنْ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ حَسَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَنَقَصَ بِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي أَخَذَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ.
وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُنْفِقَ إلَّا مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا مَزِيدَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْأَمْوَالَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى غَيْرِ أَرْبَابِهَا، فَإِنْ تَكَارَمَا فِي ذَلِكَ جَازَ مَا نَفِدَ بِطِيبِ نَفْسٍ، وَلَمْ يَلْزَمْ فِي الْمُسْتَأْنَفِ إنْ لَمْ تَطِبْ بِهِ النَّفْسُ.
[مَسْأَلَةٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يُعَاوِنُهُ بِنِصْفِ مَا يَرِدُ أَوْ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْهُ]
١٢٤٦ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يُعَاوِنُهُ فِي خِيَاطَةٍ أَوْ نَسْجٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِنِصْفِ مَا يَرِدُ أَوْ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْهُ -: فَهُوَ بَاطِلٌ وَعَقْدٌ فَاسِدٌ، وَلَهُ بِقَدْرِ مَا يَعْمَلُ وَلَا بُدَّ، فَإِنْ تَكَارَمَا بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ جَائِزٌ مَا دَامَ بِطِيبِ نُفُوسِهِمَا بِذَلِكَ فَقَطْ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧]
وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» .
[مَسْأَلَةٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا الدَّابَّةُ مُشْتَرَكَةً]
١٢٤٧ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا الدَّابَّةُ مُشْتَرَكَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَشَارَطَا اسْتِعْمَالَهَا بِالْأَيَّامِ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَدْ يَسْتَعْمِلُهَا أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَعْمِلُهَا الْآخَرُ، وَالْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ عَلَى غَيْرِ أَرْبَابِهَا إلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ تَكَارَمَا فِي ذَلِكَ جَازَ مَا دَامَ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطَيِّبَ نَفْسَهُ مِنْ مَالِهِ بِمَا شَاءَ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ.
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْعَبْدِ، وَالرَّحَى، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَإِنْ تَشَاحَّا فَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ نِصْفُ أُجْرَةِ مَا اسْتَعْمَلَ فِيهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَكِ، أَوْ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ أُجْرَتِهَا، فَإِنْ آجَرَهَا فَحَسَنٌ، وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ.