الْعِقَابُ بَالِغًا أَشَدَّ مَا يُتَخَوَّفُ فَالْمُوجِبُ لَهُ هُوَ كَبِيرٌ بِلَا شَكٍّ، وَمَا لَا تَوَعُّدَ فِيهِ بِالنَّارِ فَلَا يَلْحَقُ فِي الْعِظَمِ مَا تُوُعِّدَ فِيهِ بِالنَّارِ، فَهُوَ الصَّغِيرُ بِلَا شَكٍّ، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ لَمْ يَجْتَنِبْ الْكَبَائِرَ]
٨٢ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ لَمْ يَجْتَنِبْ الْكَبَائِرَ حُوسِبَ عَلَى كُلِّ مَا عَمِلَ، وَوَازَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ أَعْمَالِهِ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَبَيْنَ جَمِيعِ مَعَاصِيهِ الَّتِي لَمْ يَتُبْ مِنْهَا وَلَا أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهَا، فَمَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ سَاوَتْ حَسَنَاتُهُ سَيِّئَاتِهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧] وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [القارعة: ٦] {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: ٧] وَمَنْ تَسَاوَتْ فَهُمْ أَهْلُ الْأَعْرَافِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ التَّوْبَةَ تُسْقِطُ الذُّنُوبَ.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، أَخْبَرَنِي هُشَيْمٌ ثنا خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ «أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ: أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا وَلَا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» .
[مَسْأَلَةٌ مَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ بِحَسَنَاتِهِ]
٨٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ بِحَسَنَاتِهِ فَهُمْ الْخَارِجُونَ مِنْ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [القارعة: ٨] {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: ٩] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [القارعة: ١٠] {نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: ١١] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٨] وَقَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر: ١٧] . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute