قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ، لَا نَدْرِي كَيْفَ اسْتَحَلَّهُ مَنْ أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْأَثَرِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ بِذَلِكَ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى مِثْلِ هَذَا، وَإِنَّمَا الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي ذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ عُمَرَ ثُمَّ بَلَغَتْهُ فَرَجَعَ إلَى إيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْهُ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دُلَيْمٍ ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ثنا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ أَبِي حَبِيبِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَيَا إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَخَرَجَ إلَيْهِمَا أُبَيّ وَقَالَ: إنِّي وَجَدْت مَذْيًا فَغَسَلْت ذَكَرِي وَتَوَضَّأْت، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَوَ يُجْزِئُ ذَلِكَ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ عُمَرُ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ نَعَمْ» .
حَدَّثَنَا حُمَامٌ ثنا ابْنُ مُفَرِّحٍ ثنا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ثنا الدَّبَرِيُّ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إنَّهُ لَيَخْرُجُ مِنْ أَحَدِنَا مِثْلُ الْجُمَانَةِ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ، وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَذْيِ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، فَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا خَطَأٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُحَالِ الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ إنْسَانٌ مُتَوَضِّئًا طَاهِرًا لِنَافِلَةٍ إنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ وَلَا طَاهِرٍ لِفَرِيضَةِ إنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا، فَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ قَطُّ نَصُّ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا وَجَدُوا لَهُ فِي الْأُصُولِ نَظِيرًا، وَهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ نَظَرٍ وَقِيَاسٍ، وَهَذَا مِقْدَارُ نَظَرِهِمْ وَقِيَاسِهِمْ، وَبَقِيَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ عَارِيًّا مِنْ أَنْ تَكُونُ لَهُ حُجَّةٌ مِنْ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ أَوْ سَقِيمَةٍ أَوْ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ أَوْ مِنْ قِيَاسٍ أَصْلًا ١٦٢ - مَسْأَلَةٌ: فَهَذِهِ الْوُجُوهُ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ عَمْدًا كَانَ أَوْ نِسْيَانًا أَوْ بِغَلَبَةٍ، وَهَذَا إجْمَاعٌ إلَّا مَا ذَكَرْنَا مِمَّا فِيهِ الْخِلَافُ، وَقَامَ الْبُرْهَانُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ مَسُّ الرَّجُلِ ذَكَرَ نَفْسِهِ خَاصَّةً عَمْدًا]
١٦٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَسُّ الرَّجُلِ ذَكَرَ نَفْسِهِ خَاصَّةً عَمْدًا بِأَيِّ شَيْءٍ مَسَّهُ مِنْ بَاطِنِ يَدِهِ أَوْ مِنْ ظَاهِرِهَا أَوْ بِذِرَاعِهِ - حَاشَا مَسِّهِ بِالْفَخِذِ أَوْ السَّاقِ أَوْ الرِّجْلِ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يُوجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute