للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا، هَذَا مَعْلُومٌ يَقِينًا وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ إخْبَارُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنَّهُ يَهُمُّ بِإِحْرَاقِ مَنَازِلِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ.

فَإِذْ قَدْ اخْتَلَفُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ فَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ الرُّجُوعَ إلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؟ -: فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] .

فَافْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى السَّعْيَ إلَيْهَا إذَا نُودِيَ لَهَا، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعَالَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مِمَّنْ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَالنِّدَاءُ لَهَا إنَّمَا هُوَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، فَمَنْ أَمَرَ بِالرَّوَاحِ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْضًا فَقَدْ افْتَرَضَ مَا لَمْ يَفْتَرِضْهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالرَّوَاحِ إلَيْهَا إثْرَ زَوَالِ الشَّمْسِ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَصَحَّ أَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ، كَمَنْ قَرَّبَ بَدَنَةً، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ كَبْشًا، أَوْ مَا ذُكِرَ مَعَهَا وَقَدْ صَحَّ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ مَشَى إلَى الصَّلَاةِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَالسَّعْيِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ إنَّمَا هُوَ الْمَشْيُ لَا الْجَرْيُ.

وَقَدْ صَحَّ أَنَّ السَّعْيَ الْمَأْمُورَ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِدْرَاكِ الصَّلَاةِ لَا لِلْعَنَاءِ دُونَ إدْرَاكِهَا، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .

فَصَحَّ قَوْلُنَا بِيَقِينٍ لَا مِرْيَةَ فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْأَذَانِ وَتَمَامِهِ بِالْخُطْبَةِ يَوْم الْجُمُعَةَ]

٥٢٧ - مَسْأَلَةٌ: وَيَبْتَدِئُ الْإِمَامُ - بَعْدَ الْأَذَانِ وَتَمَامِهِ - بِالْخُطْبَةِ فَيَخْطُبُ وَاقِفًا خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا جِلْسَةً؟ وَلَيْسَتْ الْخُطْبَةُ فَرْضًا، فَلَوْ صَلَّاهَا إمَامٌ دُونَ خُطْبَةٍ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ جَهْرًا وَلَا بُدَّ

وَنَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يَخْطُبَهُمَا عَلَى أَعْلَى الْمِنْبَرِ مُقْبِلًا عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُذَكِّرُ النَّاسَ بِالْآخِرَةِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِمَا يَلْزَمُهُمْ فِي دِينِهِمْ؟ وَمَا خَطَبَ بِهِ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ خُطْبَةٍ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ خَطَبَ بِسُورَةٍ يَقْرَؤُهَا: فَحَسَنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>