فَإِنْ قُلْنَ: إنَّهَا عُذْرَةٌ، يُبْطِلُهَا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ وَلَا بُدَّ، وَأَنَّهُ صِفَاقٌ عِنْدَ بَابِ الْفَرْجِ، فَقَدْ أَيْقَنَّا بِكَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَنَّهُمْ وَهَمُوا فَلَا يَحِلُّ إنْفَاذُ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ.
وَإِنْ قُلْنَ: إنَّهَا عُذْرَةٌ وَاغِلَةٌ فِي دَاخِلِ الْفَرْجِ، لَا يُبْطِلُهَا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ، فَقَدْ أَمْكَنَ صِدْقُ الشُّهُودِ، إذْ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ يَجِبُ الْحَدُّ، فَيُقَامُ الْحَدُّ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ، لِأَنَّهُ لَمْ نَتَيَقَّنْ كَذِبَ الشُّهُودِ وَلَا وَهْمَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة حُضُور حَدّ الزاني ورجمة]
٢٢٢٦ - مَسْأَلَةٌ: كَمْ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَحْضُرُ حَدَّ الزَّانِي أَوْ رَجْمَهُ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] قَالَ {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: ٨] .
فَصَحَّ أَنَّ عَذَابَ الزُّنَاةِ الْجَلْدُ، وَمَعَ الْجَلْدِ الرَّجْمُ وَالنَّفْيُ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مِقْدَارِ الطَّائِفَةِ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَشْهَدَ الْعَذَابَ الْمَذْكُورَ - فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هِيَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ، فَإِنْ زَادَ فَجَائِزٌ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
كَمَا رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الطَّائِفَةُ رَجُلٌ، وَبِهَذَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الطَّائِفَةُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا. كَمَا رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: اثْنَانِ فَصَاعِدًا - وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute