وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا، كَمَا رُوِّينَا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْت شِمْرَ بْنَ نُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمِيرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُهُ - سَوَاءً سَوَاءً - أَنَّ الطَّائِفَةَ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا - وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الطَّائِفَةُ - نَفَرٌ دُونَ أَنْ يَحِدُّوا عَدَدًا، كَمَا رُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ سَمِعَ {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] قَالَ: نَفَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الطَّائِفَةُ - أَرْبَعَةٌ فَصَاعِدًا، كَمَا رُوِّينَا عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الطَّائِفَةُ - خَمْسَةٌ فَصَاعِدًا، كَمَا رُوِّينَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الطَّائِفَةُ - عَشْرَةٌ، كَمَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الطَّائِفَةُ عَشْرَةٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا - كَمَا ذَكَرْنَا - وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا جَمِيعَ الْأَقْوَالِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا إلَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَنَّ الطَّائِفَةَ: وَاحِدٌ فَصَاعِدًا - فَوَجَدْنَاهُ قَوْلًا يُوجِبُهُ الْبُرْهَانُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَالْإِجْمَاعِ، وَاللُّغَةِ.
فَأَمَّا الْقُرْآنُ - فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى} [الحجرات: ٩] الْآيَةَ، فَبَيَّنَ تَعَالَى نَصًّا جَلِيًّا أَنَّهُ أَرَادَ بِالطَّائِفَتَيْنِ هُنَا الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا: بِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ (اقْتَتَلُوا) وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى} [الحجرات: ٩] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخَرِ الْآيَةِ {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] وَبُرْهَانٌ آخَرُ - وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَدَدًا مِنْ عَدَدٍ لَبَيَّنَهُ، وَلَأَوْقَفَنَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدَعْنَا نَخْبِطُ فِيهِ خَبْطَ عَشْوَاءَ، حَتَّى نَتَكَهَّنَ فِيهِ الظُّنُونَ الْكَاذِبَةَ، حَاشَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute