غَيْبٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي وُسْعِهِ فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ أَحَدًا إلَّا مَا فِي وُسْعِهِ، فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ تِلْكَ الْقِصَّةَ، فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِيمَا لَمْ يُكَلَّفْهُ، وَلَا حَدَّ وَلَا مَلَامَةَ.
وَإِنَّمَا سَقَطَ هَذَا عَمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ يَعْلَمَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَ، فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
وَقَدْ جَاءَتْ فِي هَذَا عَنْ السَّلَفِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ: كَمَا رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى عُمَرَ يُخْبِرُهُ: أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِالزِّنَى؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ، أَنْ سَلْهُ: هَلْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرَامٌ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، فَأَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَإِنْ قَالَ: لَا، فَأَعْلِمْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ، فَإِنْ عَادَ فَاحْدُدْهُ.
وَعَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ بَدْرٍ عَنْ حَرْقُوصٍ قَالَ: أَتَتْ امْرَأَةٌ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: إنَّ زَوْجِي زَنَى بِجَارِيَتِي، فَقَالَ: صَدَقَتْ، هِيَ وَمَالُهَا لِي حِلٌّ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اذْهَبْ وَلَا تَعُدْ، كَأَنَّهُ دَرَأَ عَنْهُ الْحَدَّ بِالْجَهَالَةِ؟
[مَسْأَلَة الْمُرْتَدّ تَعْرِيفه وَحُكْمه]
٢١٩٩ - مَسْأَلَةُ: الْمُرْتَدِّينَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ مَنْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا مُتَبَرِّئًا مِنْ كُلِّ دِينٍ - حَاشَ دِينِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَخَرَجَ إلَى دِينٍ كِتَابِيٍّ، أَوْ غَيْرِ كِتَابِيٍّ، أَوْ إلَى غَيْرِ دِينٍ، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْتَتَابُ - وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسْتَتَابُ، وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ بَيْنَ مَنْ أَسَرَّ رِدَّتَهُ وَبَيْنَ مَنْ أَعْلَنَهَا - وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ بَيْنَ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ ارْتَدَّ، وَبَيْنَ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ كُفْرِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ.
وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لِذِكْرِهِ: فَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا يُسْتَتَابُونَ، فَانْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute