للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .

وَأَنَّهُ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَالْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» .

وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .

وَبِالْمُشَاهَدَةِ نَدْرِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ النَّاسِ، وَلَا الْمَغْلُوبِ بِأَيِّ وَجْهٍ: مَنْعٌ أَنْ يَفْعَلَ مَا نَسِيَ وَلَا مَا غُلِبَ عَلَى فِعْلِهِ - فَصَحَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ فِعْلَ ذَلِكَ، وَإِذْ لَيْسَ مُكَلَّفًا لِذَلِكَ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْوَفَاءُ بِمَا لَمْ يُكَلَّفْ الْوَفَاءَ بِهِ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ أَنَا مَنْصُورٌ هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ - عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: إذَا أَقْسَمَ عَلَى غَيْرِهِ فَأَحْنَثَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ نا مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِيمَنْ أَقْسَمَ عَلَى غَيْرِهِ فَأَحْنَثَهُ أَحَبُّ إلَيَّ لِلْمُقْسِمِ أَنْ يُكَفِّرَ، فَلَمْ يُوجِبْهُ إلَّا اسْتِحْبَابًا.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَدْرِي أَهْوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا]

١١٣٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ هَذَا مَنْ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَدْرِي أَهْوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا، وَعَلَى مَا قَدْ يَكُونُ وَلَا يَكُونُ؟ كَمَنْ حَلَفَ لَيَنْزِلَنَّ الْمَطَرُ غَدًا، فَنَزَلَ أَوْ لَمْ يَنْزِلْ، فَلَا كَفَّارَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحِنْثَ وَلَا كَفَّارَةَ إلَّا عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ الْحِنْثَ وَقَصَدَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] .

وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ عُمَرَ حَلَفَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ؟ فَلَمْ يَأْمُرْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِكَفَّارَةٍ» .

وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَانَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ - وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ بِمَا قَالَ، وَالْأَمْوَالُ مَحْظُورَةٌ إلَّا بِنَصٍّ، وَالشَّرَائِعُ لَا تَجِبُ إلَّا بِنَصٍّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ عَامِدًا لِلْكَذِبِ فِيمَا يَحْلِفُ]

١١٣٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ حَلَفَ عَامِدًا لِلْكَذِبِ فِيمَا يَحْلِفُ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ - وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَالشَّافِعِيِّ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَرُوِّينَا مِثْلَ قَوْلِنَا عَنْ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ قَالَ: سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>