للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَضِيَهُ فَقَدْ لَزِمَهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ - عَرَفَ مُدَّةَ الْإِبَاقِ، وَصِفَةَ الصَّرْعِ أَوْ لَمْ يُبَيَّنْ لَهُ ذَلِكَ -؛ لِأَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْإِبَاقِ إبَاقٌ، وَجَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّرْعِ صَرْعٌ، وَقَدْ رَضِيَ بِجُمْلَةِ إطْلَاقِ ذَلِكَ.

فَلَوْ قُلِّلَ لَهُ الْأَمْرُ فَوَجَدَ خِلَافَ مَا بُيِّنَ لَهُ بَطَلَتْ الصَّفْقَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا اشْتَرَى - وَلَوْ وَجَدَ زِيَادَةً عَلَى مَا بُيِّنَ لَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي رَدٍّ أَوْ إمْسَاكٍ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ لَمْ يُبَيَّنْ لَهُ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنْ فِيهِ كَذَا وَكَذَا]

١٥٨٩ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ اشْتَرَى عِدْلًا عَلَى أَنَّ فِيهِ عَدَدًا مُسَمًّى مِنْ الثِّيَابِ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَطْلًا مِنْ سَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوزَنُ، أَوْ كَذَا وَكَذَا تُفَّاحَةً، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ، أَوْ كَذَا وَكَذَا مُدًّا مِمَّا يُكَالُ - أَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ شَيْئًا عَلَى أَنَّ فِيهِ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا، فَوَجَدَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ: فَالصَّفْقَةُ كُلُّهَا مَفْسُوخَةٌ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ غَيْرَ مَا اشْتَرَى، فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ لَا بِتِجَارَةٍ عَنْ تَرَاضٍ.

وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ سَلِيمِ الْحِسِّ أَنَّ الْعِدْلَ الَّذِي فِيهِ خَمْسُونَ ثَوْبًا لَيْسَ هُوَ الْعِدْلَ الَّذِي فِيهِ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ ثَوْبًا، وَلَا هُوَ أَيْضًا الْعِدْلَ الَّذِي فِيهِ وَاحِدٌ وَخَمْسُونَ ثَوْبًا، وَهَكَذَا أَيْضًا فِي سَائِرِ الْأَعْدَادِ، وَالْأَوْزَانِ، وَالْأَكْيَالِ، وَالذَّرْعِ.

فَلَوْ لَمْ يَقَعْ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّ الْمَعْهُودَ وَالْمَعْرُوفَ أَنَّ فِي تِلْكَ الْأَعْدَالِ عَدَدًا مَعْرُوفًا، وَكَذَلِكَ تِلْكَ الصُّبْرَةُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَالْمَذْرُوعَاتِ، وَالْمَعْدُودَاتِ، أَوْ وَصَفَهُ الْبَائِعُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى ذَلِكَ.

فَإِنْ كَانَ مَا وَجَدَ مِنْ النَّقْصِ يَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدٍّ أَوْ إمْسَاكٍ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ مَا وَجَدَ مِنْ الزِّيَادَةِ يَزِيدُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْبَائِعُ زِيَادَةً لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهَا، فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدٍّ أَوْ رِضًا؛ لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ غَبْنٌ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَالْغَبْنُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِرِضَا الْمَغْبُونِ وَمَعْرِفَتِهِ بِقَدْرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، لَا تِجَارَةٌ عَنْ تَرَاضٍ،، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِالْحِيَاطَةِ وَالنَّظَرِ لَهُ مِنْ الْآخَرِ، وَمَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مُبْطِلٌ مُتَحَكِّمٌ بِلَا بُرْهَانٍ، وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - نَتَأَيَّدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>