وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ أَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْمُعَتَّقَ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ وَالْمُعَتَّقَ مِنْ نَبِيذِ الزَّبِيبِ. وَرُوِّينَا عَنْهُ إبَاحَةَ مَا طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُهُ وَبَقِيَ نِصْفُهُ - فَهَذَا إبْرَاهِيمُ قَدْ خَذَلَهُمْ، وَلَقَدْ رَوَى عَمَّنْ بَعْدَهُ التَّرْخِيصَ فِيهِ عَنْ الْأَعْمَشِ، وَشَرِيكٍ، وَوَكِيعٍ، وَبَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ - وَأَمَّا مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ فَلَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ - وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ رَوَوْا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَذِبَ وَمَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ - وَرُوِّينَا عَنْهُ الصَّحِيحَ الْمُتَوَاتِرَ الَّذِي هُوَ نَصُّ قَوْلِنَا؛. وَرَوَوْا عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ: الْكَذِبَ، وَمَا لَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمْ. وَرُوِّينَا عَنْهُمْ الصَّحِيحَ، وَنَصُّ قَوْلِنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
[مَسْأَلَةٌ حَدُّ الْإِسْكَارِ]
١١٠٠ - مَسْأَلَةٌ: وَحَدُّ الْإِسْكَارِ الَّذِي يَحْرُمُ بِهِ الشَّرَابُ وَيَنْتَقِلُ بِهِ مِنْ التَّحْلِيلِ إلَى التَّحْرِيمِ هُوَ أَنْ يَبْدَأَ فِيهِ الْغَلَيَانُ وَلَوْ بِحَبَابَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ، وَيَتَوَلَّدُ مِنْ شُرْبِهِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ عَلَى الْمَرْءِ فِي الْأَغْلَبِ أَنْ يَدْخُلَ الْفَسَادُ فِي تَمْيِيزِهِ، وَيَخْلِطَ فِي كَلَامِهِ بِمَا يَعْقِلُ وَبِمَا لَا يَعْقِلُ، وَلَا يَجْرِي كَلَامُهُ عَلَى نِظَامِ كَلَامِ التَّمْيِيزِ، فَإِذَا بَلَغَ الْمَرْءُ مِنْ النَّاسِ مِنْ الْإِكْثَارِ مِنْ الشَّرَابِ إلَى هَذِهِ الْحَالِ فَذَلِكَ الشَّرَابُ مُسْكِرٌ حَرَامٌ، سَكِرَ مِنْهُ كُلُّ مَنْ شَرِبَهُ سَوَاءٌ أَسْكَرَ أَوْ لَمْ يُسْكِرْ، طُبِخَ أَوْ لَمْ يُطْبَخْ، ذَهَبَ بِالطَّبْخِ أَكْثَرُهُ أَوْ لَمْ يَذْهَبْ، وَذَلِكَ الْمَرْءُ سَكْرَانُ، وَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ مِنْ الشَّرَابِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ فِيهِ مَوْجُودَةً فَصَارَ لَا يَسْكَرُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ الْإِكْثَارِ مِنْهُ، فَهُوَ حَلَالٌ، خَلٌّ لَا خَمْرٌ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ سَكْرَانَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَفْهَمُ بَعْضَ الْأَمْرِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَنَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute