مُتَمَلِّكٍ لَهُ فَلَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لَهُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَإِذَا لَمْ يَجِدْهُ إلَّا بِوَجْهٍ حَرَامٍ - مِنْ غَصْبٍ أَوْ بَيْعٍ مُحَرَّمٍ - فَهُوَ غَيْرُ وَاجِدٍ الْمَاءَ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ.
وَأَمَّا ابْتِيَاعُهُ لِلشُّرْبِ فَهُوَ مُضْطَرٌّ إلَى ذَلِكَ، وَالثَّمَنُ حَرَامٌ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمَنْعُ فَضْلِ الْمَاءِ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا اسْتِيهَابُهُ الْمَاءَ فَلَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ إيجَابٌ وَلَا جَاءَ عَنْهُ مَنْعٌ فَهُوَ مُبَاحٌ، قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِذَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ فَقَدْ مَلَكَهُ بِحَقٍّ، فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ: عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَاءَ لِلْوُضُوءِ بِثَمَنِهِ، فَإِنْ طُلِبَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ، تَيَمَّمَ وَلَمْ يَشْتَرِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِيهِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ قَلِيلَ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا بِثَمَنٍ غَالٍ تَيَمَّمَ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ اشْتَرَى مَا لَمْ يَشِطُّوا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَشْتَرِيهِ وَلَوْ بِمَالِهِ كُلِّهِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ وَاجِدُهُ بِالثَّمَنِ - وَاجِدًا لِلْمَاءِ - فَالْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَاجِدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُنَا، وَأَمَّا التَّقْسِيمُ فِي ابْتِيَاعِهِ مَا لَمْ يَغْلِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَتَرَكَهُ إنْ غُولِي بِهِ، فَلَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ، وَكُلُّ مَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ فَلَيْسَ غَالِيًا بِشَيْءٍ أَصْلًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ مَعَهُ مَاءٌ يَسِيرٌ يَكْفِيهِ لِشُرْبِهِ فَقَطْ وَأَرَادَ الصَّلَاة]
٢٤٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَسِيرٌ يَكْفِيهِ لِشُرْبِهِ فَقَطْ فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] .
[مَسْأَلَةٌ مَعَهُ مَاءٌ يَسِيرٌ يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ جُنُبٌ]
٢٤٣ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَسِيرٌ يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ وَهُوَ جُنُبٌ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَتَوَضَّأَ بِالْمَاءِ، لَا يُبَالِي أَيَّهُمَا قَدَّمَ، لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ مُتَغَايِرَانِ، وَإِذْ هُمَا كَذَلِكَ فَلَا يَنُوبُ أَحَدٌ عَنْ الْآخَرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ أَحَدَهُمَا بِكَمَالِهِ بِالْمَاءِ، فَلَا يُجْزِيهِ إلَّا ذَلِكَ، وَيُؤَدِّي الْآخَرَ بِالتَّيَمُّمِ أَيْضًا كَمَا أُمِرَ.
٢٤٤ - مَسْأَلَةٌ:
فَلَوْ فَضَلَ لَهُ مِنْ الْمَاءِ يَسِيرٌ فَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ ذَهَبَ